2009/08/05

في فانكوفر .. ٥


كانت رحلتي الأولى إلى Stanley Park هي في يومي الدراسي الأول، في جولة الباص حول المدينة.
في محطتنا الثانية توقفنا في " البارك " و بدأ المرشد السياحي " السواق " بالتحدث عن الحديقة.
أخبرنا عن سبب تسمية " Deadman's Island “ بهذا الاسم. و يرجع ذلك إلى وقت الاستعمار، حيث
قام الكنديين بإجراء اتفاقية مع السكان الأصليين تنص على أنهم لن يقتلوا الأطفال و الناس شريطة ذهاب
الرجال منهم إلى تلك الجزيرة و قتل أنفسهم ! وافق السكان الأصليون على ذلك، و سميت بذلك الجزيرة.

في منطقة أخرى من الحديقة نزلنا. أخذنا السائق في جولة على الحديقة " الغابة ! “، قمنا خلالها بعبور
عدة جسور خشبية " زي اللي بالأفلام =) “ كان عبورها يسري في جسدي شعوراً لذيذاً من " الحماسة ".


كانت حصتي الأولى صبيحة يوم الثلاثاء. بعد أن قمت بشراء بطاقة الـ " Bus Pass “ و التي من خلالها
أتمكن من ركوب الـ Bus أو الـ Sky Train من دون شراء تذكرة. بهدوء تام دخلت الفصل. نويت إلقاء
السلام، كعادتي في الجامعة !، و لكن [ شدراهم بالسلام ؟! ]. [ أقول Hello ]، و لكنها أتت متأخرة. حجرة
صغيرة، كراسي مبعثرة على ثلاث طاولات منفصلة. جلست في الطاولة التي لا يجلس عندها أحد. لم يحضر
المدرس بعد، أو المدرسة !. طالب قصير يدندن مع أغنية يسمعها من " آيبودّه "، و أخرى تتحدث مع جارتها
بصوت خافت خجول، و ضحكات تملؤها المجاملة. هل هكذا هي مجتمعات البنات في فصولهن لدينا ؟
أم أنهن هكذا إذا تواجد الشباب فقط ؟

[ Good morning ! ] دخلت المدرسة بابتسامة عريضة. [ How are you ? ] تسألنا و ما زالت
ابتسامتها العريضة مرتسمة على محياها. بوجه طفولي و جسم قصير و أسنان كمقدمة أسنان سنجاب
تتكلم، و بنطق مميز لحرف السين ـ أقصد s !! ـ . [ Fine ] إجابة لم تكد تخرج من أفواه طلبة جدد. سكوت
أعقبه عبوس من مدرسة إعتادت التمثيل [ Aren't you going to ask me how am I ? ]. لم يجب
أحد. [ I'm Fine. Thank you for asking ] “ محد جاب خبرك ! “ قلتها في نفسي. بدأ التعريف
بالطلبة اسماً و عمراً و من أي بلد أتى. طالبان من البلجيك، و ثلاثة طلبة من المكسيك، و ثلاثة طلبة
من البرازيل، و طالبة من تايوان، و طالب سعودي ( أنا ). المدرسة Lisa كندية من أصل كندي، غير أن
جدها الأكبر يعود إلى ألمانيا. يبدو أن الكنديين أنقرضوا !

كانت الحصة الأولى و الثانية، و بقية الحصص، مع تلك المدرسة حركية بشكل جميل. كان جل تركيزها على
القواعد. لم أستطيع تكوين صداقة بسهولة. ربما لأني كنت شديد الحرص على نقل صورة مشرفة عن أبناء
بلدي لدرجة الخوف من الإختلاط بالبنات. أو أن فكرة اختلاف الثقافات كانت حاجزاً يمنعني من التقدم خطوة
تكون في نظر ثقافتهم خاطئة !. كان في نظري البقاء في مكاني بدون أصدقاء خير من التقدم خطوة ترجعني
إلى الخلف.

أعود من المدرسة إلى المنزل، أصلي الظهر و العصر ثم أتناول وجبة العشاء. طبق جديد كل يوم، و طبخ
أفضل مما كنت أظن. زوجة Alvis لم أرها حتى الآن. في إجازة نهاية الأسبوع، صحوت على " قربعة "
في المطبخ. لم أخرج من غرفتي حتى هدأ الوضع و تأكدت من خلو المطبخ من الأشخاص. خرجت لأجد
“ المدام " في وجهي. بملابس النوم و خطوط الوسادة " لاعبة في خشتي " كان اللقاء الأول. كنت شديد
التحرج !. بخطوة مترددة إلى الخلف، لم تكن مقصودة، وضعت قدمي. اختلاط الثقافات و جذور الدين التي
زرعتها أمي و المدرسة و المجتمع لا بد أن تثمر في القلب حياء و خشية. عقلي المبرمج على الصدود عن
طيف كل أنثى لم يكن مبرمجاً قط على رد تحية أنثى في أحد " الصباحات ". [ Hey ! ] قالتها بابتسامة
أيضاً. بخجل واضح قلت : [ Hey ]. لم تكن الحادثة الأولى و لكنها كانت الأصعب. [ How are you ? ]
بدأت تسألني و كأني " فاضي ". [ I'm fine, thanks for asking. And you ? ].
[ I'm fine thank you. You seem like you know how to speak English, so why did you com to learn ? ]
[ أيوااااااا .. طرده من أولها ! ] [ Well, improving my English Is one thing of many things
that I came for ]. تقاش طويل لا أذكر آخره، و لكني أذكر تماماً تعجبي من ثقتها بالحديث معي و هي
أنثى و أنا الرجل خجول !. ذهبت لأخذ " دوش " مستعملاً " شامبو " حسين. سألته عن كيفية استخدام
مغسلة الملابس، و من أين يمكني شراء " فيش كهرب "، و عن أقرب " Coffee Shop “.

أحمد، خجول بشكل لا يتوافق مع شخصيته. بعد تعرفي عليه في اليوم الثالث اكتشفت أني أعرف في كندا
أكثر مما يعرف !. فهو لا يخرج كثيراً و لا يحب الإختلاط بأحد. كان، كما قال، يعيش في نجران في قريتهم
لا يذهب إلى المدرسة بانتظام. متعته ترتكز على إبريق شاي يشربه أمام " الحلال "، ماشيته. أسلوبه و طريقة
تعامله تنبيك بما يكتنفه شخصه من نخوة و رجولة.

نهاية الأسبوع يوم السبت، لأن الأسبوع هنا يبدأ الإثنين و ينتهي الأحد، أيقظته الساعة الحادية عشر.
و أمرته بالاستعداد لأننا سنخرج بعد ساعة. إلى أين ؟ " مش مهم ". بعد ساعة توجهنا إلى الـ
“ Metro Palace “ أكبر سوق في المدينة. لم نشتري أي شيء، تجولنا فقط. ثم توجهنا إلى " China Town “
الذي حاول تحذيري منها بسبب كثرة السرقة فيها و عمليات النصب. كنت أعلم أن غالبية القصص التى
تروى غير حقيقية و لو كانت حقيقية فهي لعجائز، أو حوادث وقعت في " تالي الليل ". وصلنا إلى القرية
الصينية. مررنا بجانب المحلات سائلين عن مطعم صيني جيد. كل المطاعم من شكلها الخارجي توحي
بمستوى لا يليق بمسمى مطعم. كنت أتضور جوعاً، و لا أعلم عن أحمد، و لكني لم أكن أحب الأكل الصيني.
كنت أريد فقط تجربة الـ " Sushi “. أعلم أنه لن يعجبني، و لكني سأجرب. ذهبنا إلى مطعم أوصتنا به
إحدي الصينيات. قدموا لنا شراباً في البداية. توقعته خمراً، و لكنه كان ساخناً !. أخبرتنا النادلة بأنه شاي.
كان مراً، و لا يوجد بجانبنا سكر. من عادة الصينيون أنهم يشربون الشاي المر مع أكلهم. طلبنا " ببسي
و ميرندا " و اعتذرت النادلة لأنهم لا يقدمون Sushi. طلبنا طلبات مختلفة كانت أكثر من اللازم. كان المذاق
رائعاً، لدرجة أنّا أكلنا حتى امتلأت بطوننا و بتنا نضحك على أتفه النكت !.

عدنا إلى Metro Town لنشاهد فيلم The Hang Out، الذي شاهده أحمد من قبل. كان فيلماً جميلاً.
عدنا بعده إلى المنزل.

كانت تلك الرحلة القصيرة نقطة تحول لدى أحمد. اتفقنا على الخروج نهاية كل أسبوع لولا أني انتقلت للسكن
مع عائلة جديدة بعد تحدثي مع مسؤولة السكن عن مشكلة سكني مع طلبة سعوديين. حيث اتضح لديها
أني أسكن مع العائلة الخطأ.

بعد أسبوع من السكن مع أحمد و حسين و Alvis و " مرته " انتقلت للسكن مع عائلتي الحالية.



صور مختارة


مدخل المدينة على Stanley Park


صورة من Stanley Park


إحدى الجسور الخشبية في Stanley Park


بوابة الدخول على Chin Town


طلبنا ( رز ـ شوربة كريمة دجاج ـ دجاج كاري ـ نودلز " في الصورة الأخيرة " )


أول ما جا الأكل قمنا نتفلسف بالأعواد الصينية


يوم ذبحنا الجوع قلبناها بالشوكة و طلبنا ملاعق ! الطبق اللي عليه الشوكات هو النودلز

هناك 14 تعليقًا:

  1. ههههههه

    خرجت لأجد
    “ المدام " في وجهي.


    >>>>خجلت عشانك:d

    الله يثبتك ويزيدك من فضلة

    ردحذف
  2. أولاً
    سؤال .. لماذا لا يوجد خاصية النسخ واللصق في مدونتك ؟ لأني حين أردت إقتباس بعض المقاطع والتعليق عليها ، لم أستطع :\

    ثانياً ..
    بالنسبة لجملتك باللون البرتقالي فأقول لك ، نعم ، بعضهن دائماً كذلك في أوساطهن ، مع أزدياد التميلح حبتين في وجود الشباب :\ ، لكن تبقى الجملة مسبوقة بـ " بعضهن " ، أي أن هناك من تجبر الآخرين على أحترامها بـ " ثقلها " ..

    ثالثاً ..
    جيد ، أستمر في الـ " سحبة " على البنات ، وبما أنك أنتقلت لمنزلٍ جديد ، فعسى أن تكون نافذتك مطلة على الشارع لا على منزل الجيران ، حتى تضرب عصفورين بحجر واحد ، فتتعلم اللغة وتتعلم " ترك القز " وبهذا تصبح سعودياً إستثنائياً ، أول سعودي في تاريخ البشرية لا " يقز " ! :)

    كل التوفيق ،

    ردحذف
  3. noaa ..

    والله العظيم اني انلخمت !
    ما عرفت ارجع و الا اتقدم ؟!

    كويس اني ما رحت لها و سلمت خدادي .. =)

    تذكرت موقف صار لي اول ما بدوا الحريم يتغطون علي ..
    كانو فيه حريم يتغطون و حريم يقولون ابطى نتغطى على هالبزر ..

    يوم من الايام دخلت على امي المطبخ و معها وحده ..
    انا اول ما شفتها جيت ابطلع .. هي عاد ما صدت عني .. عادي ..
    يوم شفت الوضع اوكيه ما طلعت .. عاد هي لاحظت اني بغيت اطلع جت تبي تتغطى ..

    يوم شافتني رجعت سوت نفسها عادي .. عاد انا جيت أبطلع << اللييييل ..

    بالاخير قعدت بالمطبخ و عطيتها ظهري و كلمت امي و طلعت ..
    عاد مثل هالمواقف معى كثير !

    اخ بس ..
    حياك

    ردحذف
  4. نورة ..

    أعتقد أن المشكلة التي تواجهينها تتعلق بمتصفحك ..
    أنا أستخدم الفاير فوكس و الأوضاع تمام .. جربت كزائر و نسخ معي ..

    بالنسبة لنقطة [ ثانياً ] ..
    كانت هذه من أهم أسباب سفرتي .. و هي الإطلاع على المجتمعات الأنثوية لتكتمل في بالي عدة تصورات و فرضيات ..

    بالفعل مجتمعكم مختلف عنا بشكل كبير ..
    و إذا اجتمع المجتمعين صار الوضع خياس حتى هنا ! =)


    بالنسبة للقزقزة ..
    السالفة كانت مزح << اشوى انك ما لقيت شي يستاهل تقزه =)

    في سكني الأول كنت ساكن بالدور الأرضي يعني لو ابقز الجيران ابقز رجلينهم ..
    و بعدين ٢٤ ساعة الشباك ذاك مقفل عشان ما يقزوني .. =)

    و البنات لا توصين .. خبري بهم يقدرون الثقل << الله يخلف ..
    لا جد .. لا توصين حريص يا اختي الله يجزاك خير ..

    ردحذف
  5. يوميات حلوه استمر في الكتابه قد تجدها يوماً ما مخبأ تفاصيل الذكريات الصغيره
    احب هالنوع من التدوين :)

    ردحذف
  6. تكوين العلاقات وبناء الصدقات هل هو بهذه السهولة والبساطة التي لا تتطلب سوى معرفة الأسم ثم التعايش؟
    هل الناس لابد أن يكونوا في حاجة كي يكونوا صدقات مع الاخرين؟
    هل الصداقة نتيجة للحاجة أم أنها أمر فطري إنساني ملح؟
    لماذا نخفق أحياناً في بناء صدقات دائمة مع الآخرين ؟
    لماذا صدقاتنا تتغير بتغير الزمن والظروف؟
    هل ممكن أن نعيش سعداء دون أصدقاء؟

    لا يمكن وصف الحياة بنوع معين من العيش أو بنوع معين من التعامل مع الآخرين .. الحياة كلها تجارب تراكمية .. ما نتعلمه اليوم ونرى أنه تجربة ناجحة .. قد نأتي في الغد ونرى أن ما تعلمناه لا يصلح حمله معنا ونقله لزمن أو مكان آخر .. هناك أشياء تتغير وتتبدل فإعطائها خاصية التعميم يكون فيه من المبالغة والتجاوز غير المنطقي.
    ولكن .. تظل هناك أشياء لا يمكن أن تتغير وتتبدل بتغير الزمان والمكان .. هناك أمور لا يعبث بها الزمن ولا يدنسها نجس المكان .. هناك نسيج لا يمكن أن يتمزق أو يلحقه البلى .. هناك القيم هناك المبادئ هناك المثل تضل في أعماق القلب تتشبث مع الشخيصات المتميزة تأبى أن تفارقهم .. ها،ذا أتابع مرة أخرى ما تكتب وقد أنقطعت عن الكتابة بسبب سفري .. ولعل وعثاء السفر لم يجعلني أخلط في عبارتي ولك كل الود .. أبورغد

    ردحذف
  7. هههههههههههههههههههه

    يا حلييييلك

    أشووا ما تهورت وانا اختك وش تقول عنك المره!

    خخخخخخ

    ردحذف
  8. Bent Dadi ..
    هلا و غلا .. حي الله راعية الموز ! =)

    تشرفت بزيارتك ..
    و بصراحة ما كان ودي أكتب يومياتي لانها تتعرض مع هدف في بالي ..
    بس لعيون الغالين كتبتها ..

    حياك .. و لا تقطعين

    ردحذف
  9. أبو رغد ..
    الحمد لله عالسلامة قبل كل شي ..

    أعتقد أن الصديق شيء ضروري في هذه الحياة ..
    منه تتعلم مباشرة أو عن طريق ما يرتكبه من أخطاء ..

    تختلف القوالب باختلاف الزمن العمري للشخص و المكان الذي تجتمع فيه الصفات المشتركة ..

    تبقى الصداقات ما دامت هذه العوامل المشتركة قائمة ..
    و الفطن من جعل دعائم صداقته مع غيره تقوم على أساس لا يتغير ..

    مرور جميل .. و تعليق متفتح ..
    أشكرك

    ردحذف
  10. انبسطت وعشت الجو معك حبيت اسلوبك بالسرد مكملة باقي الاجزراء

    Lulu

    ردحذف
  11. فراس انت رجل وولد حلال ومودب وكشخه مملوح ومثقق وبعدين االناس يحبونك ليش يحبونك لانك مودب وخجول وانا من اشد معجباتك

    ردحذف
  12. شركة تنظيف بالبخار بمكة
    كما تقوم بتنظيف السجاد و الموكيت و كافة المفروشات الاخرى و ذلك عن طريق ضخ كميات البخار عبر آلة التنظيف بالبخار حيث يقوم بالتغلغل إلى عمق النسيج و إذابة و تفتيت البقع مهما كانت صعبة و عنيدة و من ثم يقوم جهاز التجفيف بسحب المياه المتسخة من القماش وتجفيفه.
    تمتع بمظهر سجادك و موكيتك جديد.
    شركة نظافة بالبخار بمكة

    https://www.alnoor-cleaning.com/

    ردحذف

أشكر لك اهتمامك و تعليقك