2009/05/23

شي اسمه [ زواج ] ..








كنت ـ كغيري من الشباب ـ أحمل هم الزواج تماماً كما كنت أتمناه .. أرغب به لأجد الألفة و الراحة
و السكون و الاستقرار .. و أتجنبه خشية الفشل فيه أو حدوث المشاكل أو في أقل تقدير ظلم زوجتي من غير
قصد مني ! .. فكل خطوة أخطوها للزواج أتراجع معها خطوتان إلى الوراء .. عالم اعتدت فيه سماع قصص
الطلاق بكل بساطة .. و مجتمع يحوي جميع أصناف الخيانة و المشاكل الزوجية ..

هل الزواج حقاً بهذا القدر من الصعوبة ؟!
أم أنه القبيح المستتر بالجميل ؟!



لم تعد تلك الصورة الجميلة ترتسم في مخيلتي كلما حل " طاري " [ الزواج ] .. و لم أعد ذاك الشخص الذي
يسعى حثيثاً للارتباط بأنثى تسعده .. فمن يضمن لي نجاح زواجي ؟! من يضمن لي سعادتي ؟! .. نَضُجَ فكري
ـ أو كما كنت أعتقد ـ .. فقد أصبحت أنظر للمسألة من جوانب أفقية أعمق من ذي قبل .. أصبحت محيطاً للموضوع ..
مدركاً إجماله .. دون الخوض في تفاصيله .. و البحث عن لبه و جوهره !


اعتقادات خاطئة متأصلة في جذور عقولنا .. نتشبث بها خوفنا من انعدام ما يُتَشبَّث به ! أفكار سلبية تمحورت
في عقولنا إثر عوامل خارجية خاطئة شذت عن القاعدة الأساسية فرسمناها نبراساً لما سواها !

يوماً بعد يوم .. علمتني الحياة أن الزواج هو أساس السعادة .. و الارتباط هو بيت الاستقرار .. و أن الزوجة
هي الحب الأصدق
.. و أن المنزل هو المملكة الوحيدة التي يجلس على عرشها ملكان !

علمتني الحياة أن المشاكل الزوجية حادثة لا محالة .. و لو سلم منها زوجان لسلم رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ
مع زوجاته أمهات المسلمين .. فالمشاكل تبث الروح في العلاقة .. و تقوي أواصر المحبة .. و ما هي إلا استغاثات
من أحد الطرفين للآخر " اهتم فيني أكثر ! " ..
علمتني الحياة أن المشاكل الزوجية تعني ( لم أكن أعلم أن هذا يغضبك ) .. و بالصبر و الحلم و الحكمة تحل
المشاكل ..

علمتني الحياة أن السعادة في الزواج لا تكمن في سعي زوجتك لراحتك و إنما سعي كل طرف لراحة الطرف
الآخر .. فكلما أعطيت أكثر كلما أخذت أكثر !

علمتني الحياة أن توقع الأسوأ و احتمال حدوث المشاكل قبل حدوثها يقي من الصدمة و يحسّن أسلوب الرد ..

علمتني الحياة أن نجاح الزواج لا يتعلق بعدد الروابط التي تربطني مع زوجتي فحسب .. و إنما بعدد الفوارق
التي تكلمني فيها و أكملها .. كتجانس الأكف عند اللقاء ..

علمتني الحياة أن المرأة هي أرق مني .. و أحن مني .. و أرحم مني .. و أعطف مني .. فلا أعاملها كأحد الرجال ..

علمني الدين أن الطلاق هو أبغض الحلال .. فلا وجود له في قاموس حلول المشاكل .. أفر منه فراري من المجذوم ..
و أعود إلى ربي عند احتلاك الأزمة .. و انعدام الحيل !

علمتني الحياة أن الصراحة هي ملح السعادة الزوجية .. و بدونها تغدو البيوت أنقاضاً .. و لا أعني بذلك عامة المواقف ..

علمتني الحياة أن أقدم لزوجتي كل ما أتمنى منها تقديمه لي .. و لا أنتظر الرد .. فلا أريد منها
جزاءً أو شكوراً .. حسبي بحبها لي و حرصها علي و غيرتها و تحملها و ... إلخ

علمتني الحياة أن الزواج قمم و قيعان .. لا بد من المرور بها .. و الحذق من عد العدة قبل وقوع الفأس
على الرأس .. فلا ينفع الصوت " إذا فات الفوت " .. !

علمتني الحياة أن البساطة في الحياة الزوجية يكتب لها ـ بإذن الله ـ عمراً أطول .. و أن تجعل زوجتك
صديقة .. خير من مجرد النظر لها أنها زوجة ..

علمتني الحياة الكثير .. و لكن النوم " كبس " !!

2009/05/22

مش أي [ خانة ]








في أحد الأيام .. و أنا أقلب صفحات الانترنت باحثا عن معلومات تساعدني في إنجاز بحثي الذي قارب أن
" يطلع مع خشمي ! " .. دخل صديقي معي في محادثة " ماسنجرية " : [ كيفك يا مزة ؟! ] ..

شعور رائع حينما يقتطع وقت الدراسة شخص لا مبالي .. لا يحمل من الدنيا سوى .. لا يحمل شيئاً ! و ما
بين تسليم و سؤال عن الأحوال اعتذر عن إزعاجي قائلاً : [ تكفى .. أبيك تجلس مع اخوي و تكلمه عن
مستقبله و الوظيفة .. الولد أعرفه ذكي .. بس لعّاب ! ما ابيه يصير زيي ]
..

لحسن حظي .. فقد قررت بنفسي أن دراستي لهذا اليوم تكفي .. و أن وقت " الفلة " قد حان .. اتصلت على
أخ صديقي و اتفقنا على أن نخرج سوياً للـ " هجولة " و احتساء القهوة !

15 دقيقة كانت المدة التي استغرق فيها للوصول إلى منزلنا .. و 15 دقيقة أيضاً كان الوقت لأخذ " دش "
و اللبس و التعطر .. ـ أحمد الله ألم تخلقني أنثى ! ـ

لم تكن تلك سيارة أبداً .. فقد كانت أشبه بشقة أعزب أكل الدهر منها و شرب .. وجدت لي مكاناً أجلس فيه
بين ركام الكتب و أكوام الملابس .. لم يكن تظليل السيارة لستر العوائل فقط .. بل كان لستر الـ .. !


[ أي كوفي تبي نروح ؟! ] [ أي كوفي .. أهم شي يكون عندهم French Late ] .. كعادة الكبار كان أخو
صديقي بأخلاقه و أدبه الجم .. ابتسامته الخجولة لا تفارق محياه رغم حركتيه و دعابته المفرطة ! ..
عندما يستمع .. أشعر و كأنه يحفظ كل حرف في ذهنه .. يرسم الكلام كلوحة يستطيع رؤيتها .. فهو لا
ينظر إلى المتحدث أبداً .. و قد يسرح بعينيه يمنة و يسرة .. و لكنه ينصت إلى تفاصيل الحديث حتى يبصر
السطور التي بين السطور .. مداخلاته توحي بفهم عميق .. و إضافته تلهم المتحدث مزيداً من العطاء ..

سألته عن وضعه الدراسي موحياً له بأنه سؤال عبثي لا أنوي به الاستطراد .. فأجاب مشيحاً بوجهه عني :
[ والله حليوه ] .. بابتسامة مصطنعة سألته عن السبب فقال : [ مليت والله من الدراسة .. و بعدين ؟!
يا فراس .. انت ما شاء الله عليك دافور و تحب تدرس و فاهم وش تبي .. انا مدري وش أبي و منيب دافور ! ]


شعرت حينها بتلك المشاعر التي كانت تنتابني عند سؤال أحدهم عن أحوال دراستي .. فقد كنت أمتعض و أتشرد
آملاً الخلاص من ذلك " الطاري الغث " ! .. [ عاد ما لقيت تمل الا الحين ! ترم و تتخرج .. ما بقى الا عمر العدو ! ]

أخرجت ورقة من جيبي كنت قد كتبتها قبل خروجي معه .. بدأت أقرأها عليه :

6,757,802,098

عدد سكان العالم الحين .. تبي تكون شي في هالدنيا ؟! و الا مجرد خانه ؟! ]


سكت قليلاً كي أستطيع تناول القهوة من يده .. ثم أكملت قائلاً : [ مو المهم تنجح .. المهم انك ترسم خطة
للنجاح تمشي عليها .. الحياة قد تكون مليئة بالعقبات .. بس أغلب العقبات متواجدة في نمط تفكير الشخص
نفسه ! .. لا تقول منيب دافور .. لا تقول ما أحب أذاكر .. ط نفسك دوافع إيجابية و راح تنجح ! ..
استصغار الذات عمره ما جاب نتايج .. و ما فاز بها الا الأشخاص اللي وثقوا انهم قادرين على النجاح ]
..

نفس بسيط و التفاتة مع نافذة السيارة أكملت معها قائلاً : [ مصعب بن عمير قاد جيش العسرة و .. ]
قاطعني قائلاً : [.. عمره 18 سنة .. فراس نعرف هالشي و حفظناه .. بس هذاك اول ] ..
[ بيل قيتس بدأ فكرة ماكيروسوفت و هو في سن المراهقة .. و بدأت الشركة في أوائل العشرين .. صاحب
الفيس بوك هو شاب عشريني بفكرة وحدة صار ملياردير ! قوقل عبارة عن فكرة شابين قالوا نبي نكون
قاعدة بيانات نقدر نلقى فيها أي معلومة نبيها .. الحين شف وين وصلوا ؟! .. النجاح عمره ما سأل
كم عمرك ؟! العمر هو فقط عدد الأيام اللي عشتها بهالحياة .. و الا ياما و ياما ناس أصغر منا و أذكى !
لا تخلي حدود المدرسة تحد إبداعيتك و طموحك .. ارسم لك هدف و ذلل له كل الصعاب ]
..

ممسكاً بكوب القهوة .. لم يرتشف منه إلا رشفات معدودة .. علمت حينها أنه في مرحلة إنصات عميق ..
اتبعتها قائلاً : [ انت وش تبي تصير ؟! ] لم تطل فترة سكوته حيث قال : [ تصدق .. مدري ! بس اللي
ادري اني ما ودي اكون شخص عادي .. بس شكلي أبصير كذا ! ]
ابتسامة أخفيت خلفها ضحكة قلت معها :
[ وش أقول لك ؟! خلك متفائل .. تبي فلوس ؟! بتلقى .. تبي وظيفة بنت كلب ؟! بتلقى .. انت وش تبي ؟!
بتلقاه .. يقول رب العالمين عن الطيور تغدو خماصاً و تعود بطاناً .. تروح و هي ميتة جوع و ترجع و بطونها
مليانه .. ليه ؟! لانها توكلت على رب العالمين .. و ان اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء
قد كتبه الله لك .. التوكل هو السهل الممتنع .. الكل يقدر يتوكل .. بس محد يطبق التوكل حق التطبيق ..
لما تتوكل برب العالمين راح يجيك شعور بالرضى .. شعور بالراحة .. تدري انو رب العالمين راح يحفظك ..
انو رب العالمين راح يكتب لك الأخير في حياتك .. هذا التوكل .. و التوكل ما يعني التواكل .. و الا ما كان وصى
الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ الصحابي و قال : اعقلها و توكل .. الواحد لازم يبذل الأسباب ! .. شف
ما أقول لك الحين حب المدرسة .. أقول لك كمل هالترم باجتهاد و مثابرة .. موب لازم تتولد الرغبة .. هي
فترة الثانوي و راح تعدي .. و بعدها تختار التخصص اللي تحبه .. اختيار لازم يكون مبني على أسس ..
منها النظر في المواد اللي كنت تحبها أيام الدراسة .. و منها المهارات اللي تمتلكها .. و منها المخرجات
الوظيفية اللي راح تلقاها .. و هل راح تتوافق مع أهدافك العليا و الا لا ؟! ]
..
التفت إلي سائلاً : [ أهدافي العليا ؟! وشي الأهداف العليا ؟! ] ..

كان النقاش أمتع من طعم القهوة التي قررت وضعها ريثما أنتهي من حديثي : [ الأهداف العليا هي الرسالة
اللي ودك تقدمها للحياة عشان ما تكون مجرد خانة في عداد البشر .. ممكن تصير طبيب .. مهندس .. طيار ..
مدير .. لاعب .. اللي تبي .. بس بالاخير هاذي راح تكون مجرد وظيفة و مدخل رزق لك .. بس اللي راح تنقله
للعالم اللي تشوفك أو تقرا لك .. او حتى مجرد تحيط بك هي الرسالة اللي تقدمها للعالم .. يعني مثلا واحد
يبي تكون رسالته انو يكون له شخصية تصير الناس تقلده فيها .. و بعضه تكون اهدافه دينية .. و البعض
مناصب .. و البعض مادية بحته .. لما تحدد أهدافك وقتها حدد نقطة النجاح .. و تعريفه بالنسبة لك .. لأن
تعريف النجاح يختلف من شخص لشخص .. و مستحيل تلقى تعريف محدد للنجاح في أي لغة ..
النجاح عند البعض يعني الشهرة .. و البعض يشوف انو المال .. و البعض يشوف انها مجرد الراحة ..
و كلها صحيحة لانها تعاريف شخصية .. انت وش تعريفك للنجاح ؟! ]


كانت زاوية النقاش عن الدراسة في هذا اليوم تختلف تماماً عن الزوايا التي كان ينظر منها مع كل سائل
يسأله .. بدى متحمساً و متأهباً لمزيد من المعلومات .. ثم بادرني بسؤال : [ طيب و بعدين ؟! ] ..
[ ما فيه شي اسمه بعدين ! بعدين خلاص توصل لهدفك و راح تحس وقتها انو ابي هدف ثاني احققه ..
كل الكلام اللي قلته لك ما راح يفيدك اذا ما عرفت شلون تطبقه صح .. أفضل طريقة للنجاح هو الكتابة ..
اكتب كل شي تبي تسويه .. تبي تصير مليونير ؟! اكتبه على ورقة .. اكتب تحت الهدف ليه تبي تصير مليونير ؟!
مثلا تبي تشتري سيارات .. و بيت فخم .. و تسعد اهلك .. و تعيش زوجتك احلى عيشه و و و .. اكتبها كلها ..
بعدها اكتب الاشياء اللي راح تساعدك في تحقيق الهدف .. و اكتب المعوقات .. و كيف تقدر تتعداها .. نظامنا
التدريسي من اكبر المعوقات للنجاح .. و هو يتحمل جزء من المشكلة .. مثله مثل حرص الآباء الخاطئ على
انهم يخلون انباؤهم متفوقين بطريقة تشعرهم بالطفش من الدراسة .. بس حتى لو كانو بيتحملون جزء من المشكلة ..
من الشخص اللي راح ياكلها اذا ما حقق أي شي ؟! انت و محد غيرك ! بعد ما تحدد المعوقات و تعرف كيف
تتعامل معها ابدأ بوضع خطة زمنية واقعية .. تحدد فيها كل مرحلة من مراحل تحقيق الهدف .. اكتب ابي في هالسنة
أشتغل مثلا في مقهى عشان اعرف كيف تكون فيه خدمة المقهى .. و احاول اوصل اني اصير مراقب شيفت مثلا ..
عقبها ابي اصير المراقب العام .. حط اهداف و حاول توصل لها .. و هالاهداف ترتبط بالهدف الرئيسي ..
و بعدين لا جيت تتخصص حاول انك تدخل التخصص اللي يساعدك في تحقيق هالهدف نفسه .. و بهالحركة
راح تدرس شي عن رغمة .. راح تحس بنهم الدراسة .. برغبة بمعرفة المزيد .. بانك تدرس لان كتبي تدرس ..
و راح تلاحظ انو ما فيه شعور يعادل شعور تحقيق لاحدى الاهداف في الفترة الزمنية اللي انت محددها لنفسك ! ]
..

قاطعني : [ كلامك حلو مرة .. و مشجع .. بس هل هو واقعي ؟! ] [ شف .. انا ما راح اقول لك انو واقعي
و الا موب واقعي .. بس اللي اقوله انو التخطيط هو اساس كل نجاح و التجارب تشهد لكلامي .. من ضمن
الشغلات اللي تساعدك لتحقيق اهدافك هو معرفة قدراتك الحقيقية .. و كثير منا ما يعرف انو يمتلك قدرات
اكثر مما يتوقع .. أكبر قدر مستهلك من العقل يكون بنسبة 5% في الأشخاص اللي يستخدمونه بكل قوة ..
يعني الأغبياء يستخدمون نسبة أقل من كذا بكثير ! انت تدري انو كل معلومة مرت عليك في حياتك ما زال
عقلك الباطن محتفظ فيها .. بس انت ما تقدر تسترجعها .. و الا هي موجودة .. نوعية الأكل تأثر على قدرة
العقل .. و سلوكك اليومي يأثر .. استخدامك لعقلك يأثر .. كل شيء يأثر .. حتى الإيحاءات السلبية و الايجابية
تأثر ! ]


توقفنا بجانب إحدى الحاويات لنلقي بأكواب القهوة الممتلئة فيها ثم أكملت : [ أهم شي انك تحط لك هدف
تسعى له .. و تنظر للجانب الإيجابي من كل شي .. مثلا ما نجحت بمعدل عالي بالجامعة .. عادي .. أغلب
المخترعين و أصحاب المناصب ما كان معدلهم عالي .. مثلا ما نجحت في مشروع .. يقول لك كل فشل يقربك
خطوة للنجاح . ارسم هدفك و خله في كل مكان .. عند سريرك و في مكتبك و في السيارة .. اقراه دايم و قل
لنفسك دايم انك شي مهم في الحياة .. لانك ما راح تطول السما و عيونك بالأرض ]

2009/05/21

الحذاء ليس حذائي









على مرافئ الذين لا يعودون ، أقف .. حاملاً في يدي وردة حمراء .. كلون عيوني التي أرهقها الدمع .. لم
أتوقع تلك النهاية .. و لم أتمناها .. و لكنها حدثت بفعل فاعل و قدرة قادر ..

على شاطئ الحياة تضاربت أمواج الواقعية .. محطمة على إثرها سفينة تفاؤلي .. سفينة طالما تفاخرت بها ..
أرى في قوتها صموداً لا يعادله صمود .. و جبروت تتهاوى أمامه كل الصعاب .. و لكنها تهاوت !

على نفس المرفأ .. أحمل نفس الوردة .. بنفس الدمع .. و بشعور مختلف يحرقني ..
يأكلني الندم .. أحترق كحطب سامر في ليل بهيم .. و لا أبكي .. و لكن دمعي يسيل ..


أعيش حياتي على مبادئ وضعتها لنفسي .. و وضعتها أمي و الحياة على أسس الدين .. أحسب لكل موقف
حسابه .. و أتوقع حدوث أي شيء .. في كل وقت و في كل مكان ..
و لكن .. ليت شعري .. ما أفعل فيما لم أتوقع حدوثه ؟!

على نفس المرفأ .. سقطت وردتي .. سقطت دمعتي ..

لماذا تتأجج الأوجاع في قلبي لحظة الرحيل ؟!
لماذا تغشاني نوبة ألم عند رؤية كف الوداع ؟!
لماذا لا أمل من أحبتي ؟! و لماذا لا يرأف لحالنا الدهر ؟!



إنني أسير الآن وحيداً ـ بكل ما تعينه الكلمة من معنى ـ .. وحيداً بأوجاعي .. وحيداً بأسراري ..
وحيداً بأفراحي .. أصدقائي كثر ! و لكني لم أعد أحتمل ارتباطاً يتبعه وداع !

سأنأى بجسدي عنهم .. فلا بد من يوم هم فيه راحلون !


هكذا كان باستطاعتي أن أعيش حياتي .. حزين أبكي على ما فات و أخاف من كل جديد .. ولكن ..
حباني الله بعقل أستطيع فيه اختيار قرار هو الأصوب في رأيي .. فالحذاء ليس حذائي ..

فكل حادث يحدث قد كتبه الله في كتاب قبل أن يخلق خلقه .. فلم البكاء و الخوف و التحسر ؟!

أعلم أني أسير كما أراد الله لي أن أسير .. و أنا أثق بربي كل الثقة بأنه الواحد الأعلم مني بحالي .. فرضيت ..
بت أعيش متوقعاً حدوث الغير متوقع .. أزرع بتفاؤل .. و انتظر الحصاد بواقعية ..
لا تصدمني الوقائع .. فقد هذبت نفسي .. و جندت مشاعري لمثلها مواقف ..

لن أخاف .. لن أبكي .. فكل يوم هو صفحة جديدة أبدأ فيها من جديد .. و أصنع فيها ما أريد ..
ما العيب في دمعة تنزل على خدي .. و لكن العيب أن تنزل مرة أخرى للسبب ذاته !

على نفس المرفأ .. بدأت أسبح إليهم بلا يأس .. و بإذن الله أصل !

اللهم لك الحمد حتى ترضى .. و لك الحمد إذا رضيت .. و لك الحمد بعد الرضى ..

2009/05/20

يا مطوّع ..








و أنا " منبطح " على سريري استعداداً لإعادة شحن بطارية جسدي .. كنت أعيد شريط أحداث يومي بكل
" فهاوة " .. عادة أحب من خلالها فرز سلبيات يومي لتداركها في القادم من الأيام .. و إيجابياته لتعزيزها
و الاستمرار عليها ..

كان ليلة كسائر الليالي .. " هجولة " في شوارع الرياض في إحدى سيارات " الشلة " .. و بسبب اختلاف
الآراء و الأذواق اتفقنا على ألا نشغل المسجل .. أحاديث كثيرة دارت في تلك السيارة الصغيرة .. أربعة شبان
استطاعوا ـ و بقدرة قادر ـ أن يتطرقوا لجميع القضايا و يحلوا جميع المشكلات الإقليمية منها و الدولية !

هكذا هي " شلتي " الجامعية .. بسيطة في تعاملاتها .. بشوشة في ملامحها .. اجتماعية في أسلوبها .. لم
نبذل أي مجهود في بناء هذه الصداقة الجميلة .. و إنما جاءت بكل بساطة و عفوية ! طبيعية كطبيعة النفس
البشرية لإشباع غريزة الظمأ من النبع الزلال ..

كانت ليلة تدور حول أحداث الماضي و الذكريات .. و [ من تكون انت قبل نعرفك ؟! ] .. كان الحديث يتناقل
بلا تنظيم أو تنسيق .. أجواء غير متكلفة .. و مقاطعات و مداخلات تزيد الجو جمالاً و روعة ..

بعد " التنحنح " و " تضبيط " الجلسة بدأت في سرد تفاصيل مقاطع من الماضي حول شخصيتي .. و لأي
مدرسة انتسبت .. و المواقف التي حصلت .. و الحلقة التي شاركت فيها ..

هنا تفاجأ الجميع .. [ كنت مطوع ؟!!! ] .. ابتسمت ابتسامة تغني عن ألف عبارة .. مشدوهة أعينهم تجاهي
بانتظار الإجابة البديهية .. هدوء .. توقعات و استغراب .. [ ليه منيب مالي عينكم الحين ؟! ] .. [ تخيل
شكلك بلحية ! ]
.. و ضحكات تزيد السيارة ضجيجاً ..

تعليق من هنا و تعليق من هناك .. و أسئلة تتعلق بالتصريح الأخير و الذي كان بمثابة سبق صحفي لأصدقائي
الذين اعتقدوا في بادئ الأمر ـ في أيامي الدراسية الأولى ـ أنني شيعي ! و حينما سألتهم عن السبب
كانت الإجابة .. [ ما تتكلم كثير ] .. ! " لا يا شيخ ؟! " ..

أخذ ينحني الحوار في السيارة إلى منحنى جاد أكثر من ذي قبل .. فبـ [ وش يعني " مطوع " ؟! ] بدأنا
النقاش .. كان نقاشاً بلا أدلة .. نقاشاً مبني على استنباطات و تحليلات .. و لكن بالرغم من بساطته
إلا أنه وجد حيزاً كبيراً في نفوسنا و عقولنا ..

[ كنت و ما زلت مطوع ] .. إذا كان المصطلح يعني أنني أصلي و أصوم .. إذا كان يعني أنني أحب الله و
رسوله .. أسعى للخيرات و ترك المنكرات .. أظهر الإيمان و أبطنه .. أخشى عذاب الله و أرجو رحمته ..
تركي لبعض الأوامر التي يحتمها الدين علينا لا تعني خروجي من الملة ؟! و لا تلبسني لباس الفسقة
و المتزندقين .. إنما هي دلالات على تقصيري في هذه الجوانب .. راجياً من الله أن ينعم علي بقوة إيمان
أستطيع من خلاله إكمال ما تبقى من نقص في ديني ..

إعفاء اللحية .. و تقصير الثوب .. و لبس الشماغ من غير عقال .. شكليات يتميز بها " المطاوعه " ..
و لكنها لا تعني أن كل من وجدت فيه هذه الدلائل " مطوع " ! كم من حاسر لشعر رأسه .. مسبل
إزاره .. حالقاً لحيته أفضل من غيره ممن يتفاخرون بـ التزام أجوف !

لم أعد أذهب للحلقة و لكني أستذكر القرآن .. أحلق لحيتي و لكن حب الله في قلبي ما زال موجود ..
كم هو رائع أن يوافق مظهرك مخبرك .. و لكن الإسلام يوزن بالتقوى .. و التقوى محلها القلب !

2009/05/19

شلون أضحك ؟











( ما عدت أبغي الحياة ) .. لحظة من ركام لحظات تحيط بي و تحثني سيراً إلى الانتحار هرباً من واقع أعيشه ..
اختناق عاطفي مقيت .. و احتقان لمشاعر الفرحة في أواصر التفاؤل .. سيل من الآهات يسري بين زفرتي
و شهيقي .. حزن يحتضنني بقوة .. بقوة ! و ما أنا بقارئ !

على منأى من الناس جلست وحدي أتطلع في أفق مبهم .. أترقب شمس من البشرى تشرق في سماء ملبدة
بغيوم التشاؤم .. فلا الشمس أشرقت لتنير دربي .. و لا الغيوم أمطرت على نار قلبي ..

أفتّش في أجندة العابرين عن قبس نور .. أو ابتسامة ـ لوجه الله ـ تزقزق لها عصافير الرضى و السرور ..
فلا أجد .. !
و ما زلت أبحث فلا أعود بغير سنارة صيد قد افتلّ حبلها و دلو قد انكفأ على وجهه يلهث عطشاً !

في ليلة اعتذر القمر فيها عن الظهور .. رأيت في نفسي حاجة الفقيد للنحيب .. و سكب عبرات القهر على
( كل شيء ) من دون أن يعي ( أي شيء ! ) .. يعاندني دمعي على شرفات أجفاني .. و تحرقني العبرة لوعة
و كمداً على أبواب صدري .. و نحري .. و كل كياني ! ..

أخطو إلى سجادتي و أشرع في صلاة الله أعلم بها مني .. قلب مكلوم .. و عبد مظلوم ..

الفاتحة تتلوها سورة من سور القرآن .. فركوع .. فرفع .. يليها سجدة طويلة .. و هدير من الدموع يسيل بلا
توقف على سجادة لم تعرف إلى وطأ قدمَيّ و مكان جلوسي .. نحيب لا يفهمه إلا من عاشه و خاض تجاربه ..
تشرذمت كل إرادة في البقاء صلباً عند أبواب من خضعت له الرقاب .. و ذلت لجبروته الصعاب .. و لانت
لقدرته الشدائد الصلاب .. كطفل أغرق وجهه بالدموع .. كنفس أضناها الفراق .. كعاشق للموت لم يأبه
بطعم الحياة أبكي و أون ! دعوت الله بكل شيء أعرفه .. بعامية متكسرة .. ببساطة ما كنت أقصدها .. و ما
أردت بذلك استنقاص شأن دعائي .. و لكني أريد .. و يفعل الله ما يريد !

أسحب بطانتي من على سرير .. أتوسد أرضية الغرفة و أنام .. كم يطيب النوم لعيون أرهقها الدمع حزناً !

إلى الجامعة أسير بخطى متثاقلة .. و عقل شارد .. و شعور أقل تشاؤماً من ذي قبل ..
لا أدري أكانت تلك الركعات سبباً في ذلك .. أم هدر ماء الرجولة من عيني ؟! و لكن كان يوماً أقل تعاسة ..

أخط على دفتري عناوين أفكاري بخط أعرج .. أشكال متداخلة تزين زوايا ورقتي كتداخلات فكر مترام على
حواف الأرق ! .. بخط يملأه اليأس أسطر : [ شلون أضحك ! ] و رغبة بالبكاء تدغدغني مع كل ابتسامة
أراها في وجيه الطلاب .. كم كنت استنجد بصوت لا يسمعه إلا مكلوم مثلي لحظن يلمني أو كلمة تريح قلبي ..

بابتسامة لم أفهمها سار إليّ صديقي و دعاني إلى كأس من القهوة في ذلك المقهى القريب من الجامعة ..
حقيبتي ترهق كاهلي بكتب أحتاجها و لا أحتاجها .. صديقي يمشي بجانبي بهدوء مؤلم .. كم تمنيت لو بدأ
بالثرثرة بأي موضوع دون أن ينتظر مداخلاتي أو سرد أفكاري .. و لكنه أكمل طقوس صمته بكل خشوع ..

نفس عميق يرد الروح إلي أنفث معه بقايا من حرارة ألم .. على كرسي سيارته أتمدد و أنظر إلى الأفق
أتفحص السماء كمن يبحث عن ملك الرحمة يهبط على قلبه .. و صديقي ماثل أمام المقود يقود بصمت !
كان صباحاً بلا ألوان .. بلا طعم .. و بلا معنى .. لا تفوح منه إلا رائحة التعب و الأرق و الدخان ..

عند المقهى توقفنا .. أطفأ صديقي محرك السيارة و الابتسامة تعلو محياه غير آبه بآهاتي المكتومة و تكسر
الفرحة على وجهي التعيس .. أخرج من السيارة إلى المقهى و أطلب قهوتي المرة كمرارة يومي و أقعد ..
لم أعد أحتمل السكوت و سألته : [ ليش ما تتكلم ؟! ] .. بنفس الابتسامة نظر إلي و قال : [ وضعك ما يساعد ] ..
كادت العبرة تخنقني .. لا أدري لماذا كدت أنفجر أمامه باكياً ! .. لولا توسلاتي اللامنقطعة لدمعي بعدم البوح
بمكنونات قلبي و أحاسيسي ..
أنظر خارج المقهى بعين شاردة إلى مدينة أفكاري المؤلمة .. بؤس يملأ المكان و يحيط بالأجواء .. و تضيق
نفسي به و تعتصر زقـّوماً .. أعود لأنفخ في كوب القهوة علها تبرد فأشرب منها ما يعود به ريقي المشلول ..

[ و ربي ما تسوى ! ] .. بدأ صديقي يتحدث بلا هوادة .. كأنه اختزن كل حروف يومه و كلماته لتلك اللحظة
الملعونة ! بدأ يتحدث و كلي أحاسيس تبكي .. و كلي مشاعر تنصت .. و كلي دموع آن لها الإراقة .. أخرجت
نظارتي الشمسية .. أخفيت عيناي النضاحتان بالدموع خلفها .. بدمع رقراق أستمع .. و بكلام أشبه
بالسلسبيل عذباً على قلبي يتحدث .. كان بلسماً لجراح صدري و إكسيراً لحياة لم أفهم فيها حياة ..

تجردت من كل المفاهيم حينها لأصغي لذلك البوح الصادق من صديق محب مخلص .. لم تكن الدنيا أقبح من
ذي قبل .. و لكن عيناي ما أبصرتا الضياء فيها .. و لكن قلبي لم يرد الفرحة ..

أخبرني ذلك المخلص أن الله ينزل السكينة على قلب عباده .. و لكنهم هم من يختارون بأنفسهم الشقاء و السعادة ..
باستطاعتي الخروج من بؤرة أحزاني إلى جنة من الأفكار و المعاني الجميلة .. و لكن تعلقي الأجوف بها
يملي علي البقاء أكثر و أكثر .. خوفاً من الشرود منها و نسيانها ! .. خوفاً من فقدان أسباب لا معنى لها
في واقعية الأيام !

العلاج مر .. و لكن الشفاء يستلزمه .. و المداومة عليه يزيله و لو طالت المدة .. لن تفرح حتى تصطنع
الفرحة .. و لن تترك الدموع حتى تستنزف آخر قطرة منها .. ابك كما شئت فلا بد من يوم آت بلا دموع ..
اضحك لكل شيء .. و ابتسم قدر ما استطعت .. فبالطبع يوماً ستضحك حد الدموع ! و تنسى يومك الموجوع ..

دموع تتجلى من خلف نظارتي .. و بكاء أمرّ منها في جوفي .. نحيب لا يتوقف .. و أضلع تضم قلبي بكل
قوة .. نزيف من المشاعر تقف له أصول شعري .. أحاسيس مدمرة .. و كيان يكاد يهتز هلعاً !!
لا أريد التفلّت من ماضي كان جميلاً .. أخاف من مستقبل لا يكون أجمل .. أتمنى العودة .. و لكن التمني
حرام في شريعة الأيام .. و التحقق مستحيل .. و الأمل ينقطع عند حد الواقعية ..

أسحب المنديل من تحت كوبي .. أمسح دموع مالحة تلمع على خدي .. أعتذر من صديقي للذهاب إلى دورة
المياه لأنفرد مع نفسي ببكاء أطول و أعمق ..

عدت إلى المنزل بمرارة تملأ التجاويف فيني .. خمول ينساب في عروقي .. و راحة لم أذقها منذ زمن
بعيد .. خواء ذهني جميل .. تبدلات فكرية تلهمني بالتفاؤل ..

يوم دراسي جديد .. أجمل من ذي قبل .. ألوان تكسو الحياة .. و أوجه تملؤها السعادة .. و نفس تطيب للعيش ..
راحة و سعادة فكرية .. تقشعات لغيوم الكآبة .. ابتسامة اصطنعها على محياي آملاً منها الرأفة بحالي ..
يوم .. يومان .. أسبوع و شهر .. و ها أنا الآن أضحك بكل ما أملك من أحاسيس .. لم أعد أكترث
للصغائر .. فقد علمت أن الحياة أقصر من أن أعيشها بدموع لا ترحمني .. أو أحزان لا تعز شأني !

انتقل صديقي إلى مدينة أخرى .. بعيدة عني كل البعد .. و انقطعت أخباره عني .. و لكن ذكراه لا زالت
ترتسم على ثغري المبتسم .. و وجهي البشوش .. أشكرك يا من علمتني أن الدنيا نكد .. تؤخذ بصبر و جلد !

2009/05/18

مداخلات شيطانية ..









[... طيب إذا فاضي مرّني ] .. في طريقي إلى بيت صديقي .. و على أنغام إحدى أناشيد الـ " iPod " أخذت
أفكر في بعض أموري .. و بحكم تركي للأغاني و انتقالي إلى استماع الأناشيد .. بدف و بإيقاع و بآهات ..
هل هذه الأناشيد تجوز أو لا تجوز ؟!

جلست يوماً مع أحد الملتزمين " على أيام الأغاني " نتحدث عن الأناشيد و الأغاني .. و كيف ـ من وجهة
نظره ـ أن مهندسي الصوت لدى الاستوديوهات الإنشادية أكثر إبداعاً من من هم في مجال الغناء ..
و ليثبت لي ما قال بدأ يسمعني بعض الأناشيد التي قام بجمعها في جهازه .. و كانت أقل ما يقال عنها ـ رائعة ـ .. !

صدمت في الوهلة الأولى .. فقد كانت ـ كما بدت لي ـ كلمات إسلامية تحتوي على خلفيات موسيقية .. و لكنه
بعد أن قام لي بشرح مفصل عن الآلات المستخدمة في مثل هذه الأناشيد و بفتوى معنونة بأسماء بعض
المشائخ سكن فؤادي و استراح ..

لقد كانت تلك أولى الخطوات المعينة لي في اتخاذ قرار الترك للأغاني .. رغم حاجتي النفسية الملحة في تلك
الفترة للسمر على أنغام [ أنغام ] و زمجرة [ أصالة ] و ثورة [ صابر ] و الدفء المنبعث من صوت [ خالد عبدالرحمن ] .

بقوة لم أعهدها فيني من قبل .. و بعجلة تامة أصابتني بالذهول .. أخذت أحذف كل مقطع موسيقي .. و كل
أقطوعة .. كان شعوراً غريباً يسري في عروقي و أنا أرى ملفات الأغاني تتلاشي كبقايا من ماض جميل !
ليالي سهرت فيها ـ جاهداً !! ـ أبحث و أحمل و استمتع بأروع نغم .. ليجد فيها قلبي ما تمنى و ما اعتاد
أن يستلذ به .. أرمي الهشيم على نار الألم لإسكاتها فتشتعل ! كالأجرب لا تزيده الحكة إلا ألماً و دماً !

ما يقارب الـ 10 قيقا من الأغاني زالت .. و ما زال في نفسي شيء منها يرقب عودتها .. يرقب
[ في الركن البعيد الهادي .. و بنفس المكان بالنادي .. أنا آعده مستنيه .. أقمل حبيب في عنيّه ] .. يرقب
[ يسعد صباحك يا حبيبي حالي طيب .. كل شي نفس اللي كان .. المدامع و المواجع و الأمان اللي اختفى لحظة غيابك ] ..
يرقبها كأم علّقت فؤادها صبراً في استقبال أفواج الجنود العائدين إلى الوطن .. لعلها تلمح طيف ابنها .. و لكن !

ذهبت تلك المقطوعات و لم تعد .. و بإذن الله لن تعود .. و ها أنا الآن أشغل نفسي بأنغام تجوز شرعاً ..
و لكن .. لماذا أجدني أستنفر من بعض الإيقاعات الإنشادية و كأن قلبي يصرخ لي : أغاني !
لماذا لم تعتد أذني سماعها و لم تطرب على ألحانها ؟! أهو الضمير أم هي الوساوس الشيطانية ؟!

لا أزال أستحضر استنتاجاتي لخطوات الشيطان الذي صرخت في وجهه ليلاً قائلاً : [ والله ما أطيعك لو تخيس ! ]
تركت سماع الغناء رغبة في الأجر و الثواب .. رغبة في التمتع بأصوات الحور في جنة الخلد .. خوفاً من القطران
و رهبة من غضب المليك الديان .. و أنا أكاد أسمع صوت الشيطان يوسوس في أذني : [ اسمعها الحين
و بطل لا قربت تموت ]
..
كان يهدف إلى إقناعي بأن تركي للأغاني في هذه المرحلة العمرية و الزمنية و المكانية خطأ لا يختلف عليه
اثنان .. و أن مصيري العودة لها فلم التذبذب في القرارات و عدم الثبات على المبادئ ؟!

أي مبادئ تقصد يا رجيم ؟! أي تذبذب و ربي يحب الخطّائين التوابين ـ كثيري الخطأ كثيري التوبة ـ ؟!
ما عدت و لن أعود ما دام ربي معي .. أدعوه ليلاً و نهاراً سراً و جهاراً بأن يعينني على الخير و يبعدني
عن الشر ..

تركتها و تحوّلت لسماع الأناشيد بآهات فقط .. ثم بـ مؤثرات صوتية خفيفة .. ثم بـ إيقاع .. و بالأمس
وجدت أناشيد بـ موسيقى ! هل هي خطوات الشيطان ؟! أحسست به يبتسم في عروق دمي فأغلقت الصفحة ..
يا شيطان يا رجيم .. كلما فتحت للشر باب أغلقه ربي بالدعاء و الالتجاء .. و كلما زرعت الشر لي حصدت الأجر
بالتوبة و الإنابة .. و سيأتي اليوم الذي أترك فيه كل ما هو شبهة على قلبي بإذن الواحد الأحد ..


لأن الشيطان عنيد .. كنت له أعند .. و لأن قريني منهم ذكي .. كنت الأذكى .. فما من يوم أردت التسنن بعد
الصلاة إلى زجرني عنها باشتباه الرياء .. فأصلي و أنا أقول في نفسي : [ هالمرة رياء .. اللي عقبها أحسن ] ..
ربي أعوذ بك من الرياء و السمعة .. و أصلي فأشعر براحة لا تعدلها راحة ..
لم يكن الشيطان ليمنعني عن الخير بكل صراحة .. و لكنه يدفعني عن الخير بحجة حبه الخير لي ! كذاب أشر ..

أثناء توقفي عند الإشارة الأخيرة قرب منزل صديقي .. رأيت إحدى المتسولات تتنقل بين السيارة و أختها تطلب
العون و المعونة .. فهذا يمد لها ريالاً و آخر يشير بسبابته إلى السماء سائلاً المولى لها الرزق .. و فيما
هي تقترب مني .. ترددت كثيراً في إخراج بعض الريالات التي لم أكن أحوج من غيري بها حينها .. أخذت
في مشاورة عقلي بالإعطاء أو القبض .. و بمداخلات من شيطاني بالعدول عن الفكرة أساساً إذ أنها امرأة
امتهنت هذا العمل تكسباً لا استعفافاً .. و أن الأجر يكمن في التصدق على المحتاج حقاً و الفقير .. و ذلك
بزيارة الأماكن المعنية بذلك ..

كاد الشيطان أن يقنعني و لكن .. متى كانت زيارتي الأخيرة لهذه الأماكن ؟! و هل كانت أصلاً لتكون هناك
الأولى و الأخيرة ؟! ألا يكفيني أجراً تصدقي لهذه المسكينة و نيتي صادقة .. مصدقاً حاجتها ؟! و ما هي
الخسارة التي ستعود علي من بعض ريالات تدفع عني سوء القدر أو تحجب عني غضب الرب ؟!
أخرجت من جيبي ما جاد به إيماني ثم مشيت .. و ما بين خاطر و آخر .. دلف من الباب صديقي على أنغام
أناشيدي و صرخ قائلاً :

[ رجعت تسمع أغاني ! ] ..

2009/05/17

أبغاها على [ مزاجي ] ..











بعد أن يكمل الرجل عقدان من عمره ـ و في أوساطنا الخليجية تحديداً ـ تبدأ اهتماماته و نظراته و قناعاته و
المواضيع التي تشده تختلف عما مضى من سنين .. و يصبح شغله الشاغل هو مستقبله و كيف يبنيه ؟!
و مع من ؟! و كيف سيواجه عقباته ؟! و يتميز عن قرائنه ..

الزواج و الأنثى .. كلمتان خفيفتان على اللسان .. ثقيلتان في قلوب الشبان ! تلفت انتباه كل شارد هائم ..
و تستحوذ دوماً على أكبر تفاعل في محيط المتعلقين بأمور المستقبل .. بالضبط كما هو الحال عند " البني "
في تعلقهن بأمورنا و من سيكون منّا فارس أحلامها ؟! تمطي صهوة جواده بفستانها الأبيض الحريري !

يبالغ الشخص منّا في مواصفاته حتى تكاد تقف مارلين مونرو مسخاً بجانب أميرته النائمة ! متناسياً
شكله " بسم الله عليه " الأخّاذ !! يريدها :

ـ يمه منيب متشرط واجد .. ابيها طويلة بس ما أبيها أطول مني .. و ميب نحيفة و لا دوبا .. امممم .. يعني
تكون مايلة شوي للمتن بس جسمها ماسك و مشدود .. و شعرها ما يخالف وش لونه و لو كان اسود يكون
أفضل .. و عيونها ابيها وساع .. لان العيون اهم شي عندي .. و ما له داعي يكون خشمها افطس ! ابيه سلة
سيف .. شوفي يمه هالمواصفات .. و ان انحديتي .. اهم شي تكون احلى مني .. يعني شي يسوى اقابله لا
صحيت من النوم ..


" يا ربيه ! " .. إبداع لا متناه بالوصف و الدقة .. معايير لا تتواجد إلا في مصانع ( باربي ) أقصد فلّة ..
تتبادر إلى ذهني أسئلة عديدة :

ـ ما مفهوم الشاب للزواج ؟!
ـ هل يتزوج الواحد منا زوجة فقط ؟! أم أنثى ستكون أماً لأولاده يوماً ؟!
ـ لماذا يكون دوماً الجمال هو المعيار الأول ؟!
ـ و لماذا تتغاضى كثير من البنات عن هذا المعيار في وضع الرجل ؟!



أثناء " فرفرتنا " أنا و أصدقائي في شوارع الرياض .. سألتهم عن أهم خصال الجمال في نظرهم ..
فكانت الإجابات كالتالي : [ أنا أشوف أنو أهم شي يكون خشمها حلو .. يعني سلة سيف ] .. و كانت
إجابة الثاني : [ اممممممممم .. عيونها و فمها .. بس الأهم الفم ] .. هل الجمال حقاً منوط بحبة خال
تجاور الشفة ؟! أو عينان ناعستان يرضخ لها الفؤاد الأبيّ ؟! أو ابتسامة من شفاه طفولية صغيرة ؟!

من وجهة نظري ـ الشخصية ـ أن الجمال الأنثى يكمن في كونها أنثى .. لا يزيدها أو ينقصها جمالاً إلا مقدار
تمسكها بهذه الخصلة .. فـ الحياء / النعومة / طول الشعر / النظافة / الأناقة / الحنان / و الثقة بالنفس هي
الأساسيات التي يجب أن يبحث عنها كل شاب .. و أهمها الثقة .. فبالثقة تكون الأنثى أو لا تكون ..

كم من جميلة استنفد كثر الوقوف أمام المرآة جمالها ..
و كم من أنثى واثقة بنفسها زاد بريق جمالها في أعين غيرها ..
الأنثى ليست سلعة توصف فنبحث عنها لنشتريها .. الأنثى هي أغلى هدية تهدى إلى الرجل .. هي أثمن
أمنية .. و أسمى غاية .. و أنبل حب .. و أصدق إحساس ..

تختلف الأذواق .. و تتفاوت الآراء في ترتيب مراتب الجمال من رجل لآخر .. و لكن الجميع يتفق أنه في
بحثه عن زوجة المستقبل يريدها تبث في قلبه السعادة .. و يشعر بالراحة و السكينة و الألفة حين عودته
لبيته و لقيا حبيبته ..

كوني واثقة من نفسك .. من جمالك .. أبسط من الـ " قلوز " على شفاهك .. و أزكى من العطر على نحرك ..
كوني عفوية بتصرفاتك .. طفلة في أحضان زوجك .. مبتسمة دوماً رغم كل ما يعكر صفو جوك ..
كوني ملكة بأحاسيسك حتى من غير تاج ..

فلن ينظر لك زوجك نظرة أفضل مما تنظرين أنت لنفسك ..


و لو كان الخيار لي لاخترتها : مرحة .. واثقة من نفسها .. و ما يمنع تكون ملكة جمال !