2010/01/23

٢/٥






الخامس من شهر صفر لكل عام، ماذا يعني لكم؟ قد لا يعني لكم شيئاً و لكني في هذا اليوم
من كل سنة
أودع عاماً من عمري و أستقبل عاماً آخر. “ كل يا بابا خلك تكبر " ما زال صدى هذه
الكلمات تتردد في
أذني كلما وافق التاريخ يوم ميلادي و كأن نواقيس الحذر قد دقت، و باب
محاسبة النفس قد شرّع، فلا
أعلم حينها مما يعتصر قلبي من ألم و حزن على ما مضى من عمر
أن لو علمت حينها أني سأقف
متحسراً على أيامي التي مضت أأكمل أكلي أم ألفظه؟

الماضي الذي نبكيه كان يوماً حاضراً نبكي ماضيه، و هكذا يستمر مسلسل البكاء لعيون التعساء.
أما
المتفائلون فهم الذين يعلمون أنهم سائرون بحكمة ربانية تقتضي لهم الخير و إن خفي،
فهم في محاسبتهم
لأنفسهم عادلون معتدلون.

أما آن لي الآن، و قد عشت في هذه الحياة ما يقارب ربع قرن، أن أنصح؟ و هل من سامع
لنصيحة من
يصغره؟ و آخذ بمشورة من هو في نظره أقل خبرة و أفقر حكمة؟. تقول
أمل الزهراني
، إحدى المدونات
السعوديات، حينما سئلت عن عمرها: “ العمر لا يقاس بطول
الأيام التي عشناها، و لكن بعرض الخبرة
التي اكتنفتها تلك الأيام " و هنا توقف فكري للحظة،
أعجبت بما قالت و صفقت لحكمتها.


ليس من المهم متى عرفتك الحياة، إن المهم هو متى عرفتها أنت! و قد يغتر بعض الجهال
بما قدمت الحياة
له، و لكن الفخر كل الفخر بما قدمت للحياة أنت!. فمن كان له قلب يعي،
و فكر نقي، و إحساس تقي، لما
مر به يوم ميلاده دون أن يقف على بابه وقفات.

نظرت إلى ما مضى لي من سنون على وجه هذه الدنيا فلقيت جمعاً من المواقف التي أعتز
بها، و أضعافها
من المواقف التي ما زادت في حصيلتي إلا ثقلاً. كنت دائماً ما أتمنى أن
أكبر حتى أبلغ الخامسة و
العشرين من عمري ثم أقف عليها فأعيش ما بقي من عمري
كله في هذا العمر. و الآن و قد لاح لي فجره
من بعيد بت أخافه، و لا أعلم ما يخفيني
منه؟ أهو شعوري بأن حلم الطفولة قد تحقق و ما عاد للطفولة من
معنى؟ و لا للأحلام
من مكان؟ أم أن إحساسي بأن ساعة رمل أيامي قد انقلبت، و بدأ العد التنازلي!


نأيت بنفسي في ذلك التاريخ عن صخب الدنيا. أمسكت بورقة و قلم. بدأت أكتب عليها
بدون توقف، بحرقة
و لوعة، أكتب ما حققت في حياتي؟ و هل بلغت شيئاً من أهدافي؟
ثم نظرت إلي قائمة أولوياتي فوجدت
أني في تنفيذها مقتر، و في الإلتزام بها مقل و مقصر.
أخذت من الدفتر صفحة جديدة، علها تكون أيضاً
صفحة جديدة لحياتي، كتبت فيها
أهدافي بوضوح، سلبياتي التي أريد أن أعالجها، و إيجابيات يجب علي
تعزيزها، و مهارات
لا غنى عن اكتسابها. كتبت توقعاتي لما سأكون عليه في عام ١٤٣٢ هـ إن أمد الله في

عمري، و ما إن انتهيت حتى شعرت بأن حملاً ثقيلاً قد أزيل عني!

في هذا اليوم، و هو الثامن من شهر صفر، أريد أن أشكر كلاً من:
أبي و أمي، لكونهما الأفضل و الأكمل في نظري. ربونا فكانو خير مربين، و أفضل
معلمين. لا حرمكم
الله أجر هذه التربية، و لا أراكم في أبنائكم ما تكرهون. و أشكر
أيضاً كل من كان حريصاً علي و على
مستقبلي. أذكر منهم، و لا مجال لحصر كل من
كان له فضل، أخي عامر و عمي مبارك و عمي عبدالرحمن
و عمي فهد و خالاتي و أخوالي
و صديقي عمر و صديقي
مصعب و صديقي يوسف و أخواتي خارج و داخل الإنترنت.

ثلاثة و عشرون عاماً من عمري انتهت! اللهم إني أسألك أضعاف أضعاف خيرها فيما بقي من عمري.



* أعتذر عن الانقطاع عن الكتابة في الفترة الماضية بسبب انشغالي.