2019/04/23

كيف أستيقظ مبكراً؟





صبّح صبّح ! باكراً استيقظت هذا الصباح، باكراً جداً. الشمس لم تنسج خيوطها بعد في السماء حين لامس كف من الماء وجهي. بدأت أعتاد زقزقت العصافير لي، و نسائم الصبح - كعادتها - تراقص ستائر نافذتي، مستغلة انشغال الأعين عنها. لا شيء أجمل من صوت الصباح، يهمس في روحك بتراتيل السكينة و الهدوء. و يبعث في النفس الطمأنينة و حب التأمل. الصبح إدمان لمن ذاق حلاوته، و نعيم لمن استشعر فائدته، و مهرب من ضجيج الناس و الحياة إلى هدوء الآن و اللحظة. 


قبل شهر من كتابة هذه التدوينة كنت أعيش مرحلة من التخبط و عدم الترتيب أدت لتدهور صحتي النفسية. أصبحت سريع الانفعال، كثير الانشغال. و بالرغم من قلة المهام الموكلة إلي لم أتمكن من إنجاز إلا جزءاً يسيراً منها. كنت أشعر بأن الساعات تسابق بعضها، و لم يعد هناك متسع من الوقت لهواية تمارس، أو صديق يجالس، أو قريب تجدد العهد به و تصله. قررت حينها أن أضع حداً لهذه المعاناة، و أجد حلاً لهذه المشكلة، فبدأت بالبحث عن طرق تساعدني على ترتيب وقتي و تنظيمه ليتسع لكل شيء: عملي، أسرتي، أصدقائي، و هواياتي ـ الكتابة منها مثلاً -. تفاجأت أن الحل بسيط جداً، ليس في تقليل عدد ساعات نومك، و إنما في تغيير موعد استيقاظك فقط. إليكم بعض النصائح و الطرق التي اتبعتها و ساعدتني على الاستيقاظ مبكراً.





١ـ لماذا أستيقظ مبكراً؟

إجابتك على هذا السؤال هي نصف الحل، بلا مبالغة، نصفه! أقوى دافع يدعوك للعودة إلى فراشك هو عدم وجود مبرر كافٍ و سبب مقنع تقايض به راحة النوم و دفء السرير. معرفتك للأسباب التي ستيتسيقظ من أجلها ستجيب على عقلك صباحاً حينما يدعوك لتنعم بساعة إضافية عندما يزعجك صوت المنبه أو تهزمك برودة الغرفة. إجابتي على هذا السؤال كانت:

ـ لأمارس رياضتي الصباحية و أبدأ يومي بنشاط.
ـ لأتعرض لأشعة الشمس و أحصل على قدر كاف من فيتامين د أطرد به الخمول و الاكتئاب و أعزز به مناعتي.
ـ لأتنفس هواء الصباح النقي.
ـ لاستمتع بالاستحمام بعد تعب الرياضة، برودة المياه صباحاً توقظ ما تبقى من خلايا نائمة.
ـ لتناول وجبة الإفطار بتمهل، إذ أنها الوجبة الأهم في اليوم.
ـ للعزلة و التأمل و التفكر، في لحظات تختلي بنفسك فيها و لا يقاطع تأملك أحد.
ـ لإنجاز المهام الصغيرة مبكراً و التي تقف عائقاً أمام حركتك الذهنية خلال يومك.
ـ للاستعداد نفسياً للعمل، و الذهاب باكراً قبل الجميع بنشاط و حماس.

هذه أسبابي التي تساعدني على الاستيقاظ كل يوم، و هي المكاسب التي لا يمكنني الاستغناء عنها.


٢ـ حدد موعد الاستيقاظ ثم خطط له و ابدأ التنفيذ:

الرابعة و النصف صباحاً هو الموعود المنشود بالنسبة لي. كنت قبل وضع الخطة أستيقظ في حدود الواحدة ظهراً. لذا فإن الفارق بين الموعدين كبير و يلزمه تدريج في تنفيذ الخطة حتى أصل لمبتغاي. و لكن، و كما يعرفني بعض المقربين، أفضّل الحلول الجذرية! لذا فقد صحوت في اليوم التالي عند الساعة الثامنة رغم الإرهاق و الخمول و رغبتي الشديدة في العودة إلى فراشي. كان التحدي صعباً جداً، و لم يكن أسهل في اليوم الذي تلاه. و في اليوم الرابع استطعت الاستيقاظ في تمام الساعة السادسة صباحاً. استمريت على هذا الموعد لعدة أسابيع، حتى بدأت قبل يومين الاستيقاظ عند الخامسة صباحاً! و لكن لتنفيذ مثل هذا التغيير التزمت بعدة قواعد و ضوابط تساعدني على المثابرة و تسهيل المهمة. سأستعرضها لكم في النقاط التالية.


٣ـ حدد موعد نومك:

هذه النقطة قد تكون النقطة الأهم. عليك أن تأخذ قدرك الكافي من النوم حتى تقل ممانعتك للاستيقاظ صباحاً. يقال أن الرجل يحتاج من ٧ إلى ٩ ساعات نوم، و المرأة من ٨ إلى ٩ ساعات، و الحامل من ٩ إلى ١٠ ساعات، و كبار السن و الأطفال من ١٠ إلى ١٢ ساعة نوم. لذا، فإن أردت الاستيقاظ عند الساعة السادسة صباحاً فحري بك أن تنام عند الساعة العاشرة مساءاً كحد أقصى. و هذا ما كنت أفعله في الأسابيع الماضية. ستخسر حينها مشاهدة برنامج المفضل مثلاً، أو حضور مناسبة تهمك، و لكنك ستكسب في المقابل صباحاً جميلاً و مزاجاً منفتحاً لبقية يومك.


٤ـ لا تضغط زر الغفوة !

عند سماعك لصوت المنبه في هاتفك، افعل أي شيء غير الضغط على زر الغفوة! يقال أن هناك حلاً بسيط للاستيقاظ عند سماع المنبه: بعد إيقافه قم بالعد بصوت مسموع من ١ إلى ٥ ثم قم فوراً من فراشك و أغسل وجهك و أبدأ يومك. أما عن طريقتي الخاصة فهي تتكون من ثلاثة تنبيهات: التنبيه الأولى يكون قبل موعد استيقاظي بساعة والذي يعني خروجي من حجرة النوم و أخذ غفوة قصيرة في حجرة أخرى بدون تكييف و تحت أشعة الشمس. التنبيه الثاني يكون قبل استيقاظي بعشرين دقيقة، و يعني أن أتهيأ عقلياً للمنبه الثالث! المنبه الثالث يعني استيقظ! و في الغالب أكون قد استيقظت من التنبيه الثاني. خدعة جميلة: ضع المنبه في نهاية الغرفة. عند إطفائه تذكر أنك استيقظت، و ليس عليك الآن إلا البقاء مستيقظاً !


٥ـ نم جيداً !

و أعني بذلك، نم بالطريقة الصحيحة. اوزن تكييف غرفتك على درجة حرارة مناسبة تنعم معها بنوم هنيء و لا تجد معها صعوبة في الاستيقاظ. عدوك اللدود عند الصباح هو السرير الدافئ و الغرفة الباردة! و لو كنت لا تستطيع النوم إلا بدرجة حرارة منخفضة جداً، فبإمكانك وضع منبه قبل استيقاظك بساعة يكون الهدف منه إطفاء المكيف ثم إكمال تلك الساعة في غرفة معتدلة البرودة. إحدى الطرق التي تساعدك أيضاً على الاستيقاظ باكراً هو البقاء على ستائر غرفتك مفتوحة حتى تساعدك أشعة الشمس على الاستيقاظ.


٦ـ خطط لصباحك:

آخر ما يستيقظ فيك و ينشط هو عقلك. لذا فإن أصعب مهمة قد تكون هو استعمال عقلك في الدقائق الأولى من صباحك. قم بترتيب مهام الغد و اكتبها في هاتفك أو على ورقة عند رأسك، و حدد مواعيد تنفيذها بشكل مبسط حتى يسهل معرفة ما ستقوم به عند استيقاظك. و لهذا السبب كانت الخطوة الأولى، إجابتك على سؤال: لماذا أستيقظ مبكراً؟ لأنك لن تستطيع الإجابة على هذا السؤال صباحاً و ستعود للنوم لا محالة.


٧ـ اخرج في أسرع وقت !

قد يصعب عليك الاستيقاظ باكراً، و لكن الأصعب هو بقاؤك مستيقظاً. هناك خدعة بسيطة تسهّل عليك البقاء مستيقظاً، و هي الخروج في أسرع وقت لممارسة رياضتك الصباحية في الهواء الطلق. للشمس قدرة عجيبة على منحك الطاقة من خلال أشعتها، و للهواء الطلق المقدرة أيضاً على ملئ شعبك الهوائية بالأكسجين ليحمل الطاقة إلى بقية أجزاء جسدك. اختصر قدر الإمكان تلك الخطوات و الروتين الصباحي الذي اعتدت القيام به كل صباح قبل خروجك. يمكنك تجهيز لباسك الرياضي قبل نومك، و كتابة خطوات الروتين الصباحي و اختصار مدتها: كغسل الوجه، و تفريش الأسنان، و الغرغرة ...إلخ


٨ـ القهوة:

صديقك العزيز و عدوك اللدود هي القهوة. شخصياً، لا شيء يشبه القهوة السوداء في الصباح تمنحني جرعة من الطاقة قبل التمرين. يقال أيضاً أن الماء البارد له ذات المفعول و بق،م أيضاً بتنظيف جهازك الهضمي عند شربه على الريق. و لكن النتيجة معي لم تكن مرضية. تكون القهوة عدوك اللدود لو أكثرت منها خلال يومك، حينها ستمنعك عن النوم في تلك الساعة التي خططت لها. أقوم شخصياً بالتوقف عن شرب القهوة بعد صلاة العصر حتى لا أضطر للسهر. يقال أن المفعول القهوة في جسدك يبقى ٦ ساعات! فاحذر.


٩ـ صباحك لك !

لا تنشغل بأخبار الناس عند استيقاظك. لا تحاول معرفة كل جديد أو الرد على كل تنبيه. ستستهلك جهدك و تركيزك، و قد يقعدك هاتفك حبيس دورة المياه، في أفضل الأحوال. صباحك لك، لرياضتك، و أفكارك، و تخطيطك، و تأملاتك. يمكنك دوماً معرفة كل جديد لاحقاً. حتى لو لم تقم بذلك، فذلك لن يغير في الحياة شيئاً. امنح نفسك كل صباح ساعة على الأقل لنفسك فقط، قبل أن تهب نفسك لغيرك. مع الوقت ستشعر براحة الانعتاق عن التنبيهات، و قد تزيد المقدار ساعة أو ساعتين!


١٠ـ طقوس النوم:

عدة أمور من شأنها مساعدتك على النوم، منها: قراءة كتاب سهل وبسيط لا يحفز ذهنك و لا يسترعي انتباهك الكامل. حمام دافئ يريح أعصابك و يزيل التوتر عنك. كتابة مهام الغد على ورق و إخراجها من رأسك. ينصح المختصون أيضاً بإطفاء أنوار الحجرة قبل موعد النوم بساعتين. على صعيد آخر، هناك أمور يجب عليك تجنبها حتى تنعم بنوم هنيء، منها: لا تستخدم هاتفك قبل نومك بساعة على الأقل، وإن كان و لا بد فليكن استخدامك له بالأنوار الصفراء التي تمنع الأرق. لا تقرأ كتاباً يتحدى عقلك و يستثير فضولك ! اسمح لعقلك أن يغفو قبل جسدك.



كانت هذه بعض النصائح و الإرشادات التي قمت باتبعاها شخصياً، و التي وجدت لها مفعولاً يتناسب معي. إليك بعض النصائح التي خَلُصت إليها و لم أقم بتطبيقها، قد تكون ذات نفع أكبر لك:

١١ـ استثمر في راحتك: استبدل وسادتك، غطاؤك، استثمر في مكيف أفضل …إلخ
١٢ـ لا تستعجل النتائج! حتى و لو قمت أبكر بخمس دقائق كل يوم فقط.
١٣ـ انتقل للغرفة الأخرى مباشرة: ينصح عند استيقاظك أن تفرش أسنانك في الغرفة الأخرى إن أمكن.
١٤ـ لا تفكر، قم و ابدأ يومك و لا تقل لماذا.
١٥ـ اسمح لنفسك بأن تستيقظ متأخراً قليلاً، بين فترة و أخرى.
١٦ـ اقنع عقلك بأن استيقاظك مبكراً هو مكافأة، و ليس عقاب.
١٧ـ لا تغير موعد استيقاظك حتى في الإجازات، و استمتع بصباح لك وحدك.
١٨ـ قلل مراحل روتينك اليومي بعد استيقاظك: يمكنك دائماً أن تحلق لحيتك بعد ركضتك الصباحية.
١٩ـ استخدم تطبيقات النوم لتساعدك على الاستيقاظ، مثل: Sleep Cycle.
٢٠ـ اتفق مع صديق على الاستيقاظ مبكراً، ليحفز أحدكم الآخر.
٢١ـ وجبة عشاء خفيفة.
٢٢ـ حينما تصحو متأخراً راجع أخطاءك و قوّمها.
٢٣ـ القيلولة ممنوعة بعد ٧ ساعات من استيقاظك.


ختاماً، أتمنى لكم أصدقائي نوماً هنيئاً، و صباحاً جميلاً، و حياة سعيدة مليئة بالفرح و بمن تحبون.