2009/10/23

لا تغازل أختي




هل مررت يوماً بموقف توافقت فيه توقعاتك مع النتائج ؟! مثلاً، يعرف عنك أنك سائق
متمكن و خلال سنة كاملة لم تقم بأي مخالفة مرورية إضافة لكونك لم تصطدم بأي سيارة أخرى.
معدل ثقة في قيادتك مرتفع جداً، ولكن حينما يقوم أحد أصدقائك بإعطائك سيارته لتجلب له
غرضاً تبدأ الوساوس " تحوس بك " و تشعر بأنك ستصدم بكل سيارة حتى " تجيب الطعة "
و تصدم ! ما تفسيرك لهذا الشيء ؟

يقال: إن العقل لا يدرك الفرق بين الحقيقة و الخيال المتخيل بشدة.
و يقول الله تعالى في حديثه القدسي ـ أو فيما معناه ـ: “ أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما
يشاء ”.
و يقول الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ: “ تفاءلوا بالخير تجدوه ".
و يقال كثيراً: النتائج تكون في أغلب الأحوال موافقة للتوقعات.

[ طيب وش دخل العنوان ؟! ]

قبل ثلاثة أشهر تقريباً، أخذت أختي و بنات خالتي إلى إحدى الأسواق لكي " يشوفون لهم
كم شغلة ". أحرص دائماً أن تأخذ أختي و قريباتي راحتهم في التبضع في الأوقت الذي أحرص
عليهم دون أن ألفت انتباههم لذلك. فبمجرد أن تزرع ثقتك في من حولك ستعود عليك النتائج
متوافقة مع تلك الثقة التي زرعتها فيهم.

و هذا ينطبق أيضاً على الشباب. فبمجرد اشعارك لهم بأنهم شباب ناضجون يخافون على أهلك
قدر خوفك عليهم و أنهم لن يتعرضوا لهم بسبب ترسباتهم التربوية السليمة فإن النتائج غالباً ـ و
لا أقول دائما ـ ما تتوافق مع تلك الثقة.

لماذا نحرص على أن ننظر إلى عيني كل شاب يمر بجانب أخواتنا في السوق بكل تهجم و كأننا
نشك بأنه و في أي لحظة سيهجم عليهن ؟ أما كان من الأجدر لنا أن نحسن الظن و نبتعد عن
تلك التصرفات إلى حين موقف يستلزم ذلك ؟

بالنسبة لي كشاب، و من الشباب الذي يندر خروجه للأسواق، تتعبني تلك الظنون السيئة بنواياي
و أشعر بأني مذموم، و مشكوك في أمري من قبل أهل بلدي الذين هم مني و أنا منهم، و خوفي
على بناتهم يعادل خوفي على أخواتي و أهلي!

قال يعقوب لأبنائه: “ و أخاف أن يأكله الذئب و أنتم عنه غافلون " و هنا كانت ردة فعل أبنائه
أن توافقت مع توقعات أبيهم.

زرع الثقة في من حولك أمر جد جميل، و مطلب ضروري نحل به مشاكل كثيرة. ازرع الثقة في
أخواتك و أهلك، ثم قم بنشر هذا الفكر بين عائلتك و أصحابك، لنكون مجتمعاً واحداً مترابطاً
برباط الثقة التي نحن أهلها.

موقف بسيط لا أنساه، و أنا في المواقف أمام مكتبة جرير مر من أمامي شاب عليه سمات
الالتزام و خلفه تمشي زوجه و هو يضحك ثم يلفتفت عليها و يتكلم و أظنها من خلف نقابها
تضحك. أعجبني كثيراً بساطته في التعامل معها أمام الناس و ثقته فيها و عدم تقييدها بقيود
لا علاقة لها بالدين، و تنبع من منبع هو أقرب إليه من منبع فكري متأخر، ثم الثقة التي زرعها
فيني حينما مر بجانبي و نظر إليّ في سيارتي و لم يلتفت لزوجته كمن يقول: [ لا تقعد تناظر
بحرمتي ! ] شكراً لك أيها الشاب الملتزم الناضج. و شكراً لأبي و أمي يا من علمتماني أهمية
الثقة التي زرعتماها فيني، و أرجو أن أكون أهلاً لها.