2009/10/11

صداقات مشروطة





لا زال صوت أخي يتردد في ذهني سنوات عديدة [ على أي أساس تختار صداقاتك؟ ]. في
حقيقة الأمر، لا أدري! في لقاءاتي مع أصدقائي كثيراً ما أسرح بتفكيري باللحظات الأولى
لتعرفي عليهم. كيف كان انطباعي المبدأي عنهم؟ و كيف تغيرت نظرتي وفقاً لظروف و مواقف
تثبت ما لا تبوح به المظاهر. أفرح كثيراً لوجود أصدقاء تربطني بهم سنوات ليست في عداد
سنيني القليلة! راحة، هي التعبير الأدق لذلك الشعور الذي يسري في نفسي حينما أستشف
ارتياح أصدقائي لي، و ثقتهم بي، و علاقة كانت أرقى من أن تزعزعها سنين عجاف.


[ على أي أساس تختار صداقاتك؟ ] أصارحك القول يا أخي بأني لا أعلم. نعم، أريد أن أعلم
و أن أتعلم الطريقة الأنجع لاختيار صداقة ناجحة. ولكن، هل تعدني بأن اتباعي لتلك الخطوات
سيمهد لي طريقاً إلى صداقة كاملة؟! وهل تكمل الصداقات يا أخي؟ أم أننا نساق كرهاً إلى
التسليم بقول الشاعر:

إذا كنت في كل الأمور معاتباً
..................صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه


مظاهرهم لا تخدعني يا أخي. و لكنها أيضاً ترسم لي صورة غير مكتملة الملامح عن
بواطنهم. أمن الإجحاف أن أطمع بصديق يبادلني ذات القدر من الإحترام و التقدير
والإخلاص؟ فلماذا يكثر الكَلِمُ و تقل الأفعال! أحقا تقع الطيور على أشكالها؟ فكيف بشكل
سقطت عليه صنوف الطيور كلها؟


ورقة و قلم. بدأت أخط عليها كل اسم ارتبطت به صفة الصداقة في نفسي. أصدقك القول بأن
الرقم أرعبني! أسماء كثيرة تملأ الصفحة الكبيرة. إذاً لماذا أتحرج من الإتصال بهم خشية أن
أكون ثقلاً زائداً على وتيرة أيامهم المتسارعة؟!

لا يحق لك أن تسألني هذا السؤال بذلك البرود يا أخي ثم تتركني مع صداها أتحرى إجابته!
أحب أن أضحك و أن أشعر بالسعادة، فهل هذا سبب يكفي بأن أجعلها الخصلة الأساسية
في اختياري؟
على ذكر اختياري، يقول لي أحد أصدقائي ـ إن سمح الحرف لي بهذه التسمية :
[ احرص حرصك كله على من يختارك صديقاً له، لا من تختاره صديقاً لك! ] هل تتفق معه
يا أخي؟ أم أنه يتكلم فيما لا يعلم؟!

هل حقاً أن الصداقات مراحل؟ و على أي أساس تمرحلت؟ أقرأ لغازي القصيبي في كتابه
( حياة في الإدارة ) حيث يقول في معرض حديثه عن الصداقات أن أصدقاء البلوت ليسو
كأصدقاء العمل. كما أن أصدقاء القرابة ليسو كأصدقاء الطفولة. فما الفرق؟ و ماذا لو وجد
الصديق القريب الذي يلعب البلوت معي منذ الطفولة، أهو الصديق الصدوق؟ و هل تقرأ
لغازي القصيبي؟



أيكفي شعوري بالراحة لحديث أحد أصدقائي، و أن يصدق مخبره ما يظهر؟ و ألا أسمع عنه
إلا ما أستحسن منه؟ و ألا أعلم من أخباره إلا كل ما يسر النفس و ينشرح له الصدر؟ أم
أن الأمر أكثر تعقيداً من ذلك؟

اتخذت قراراً لا رجعة فيه يا أخي! في الحقيقة، رأيك يهمني. صديقي هو ذلك الصديق الذي
أرضى منه دينه و خلقه. هو صديق أأمنه على أهلي و مالي و نفسي. هو من أكون معه كما
أكون مع نفسي. هو من لا أخشى غدره يوماً و إفشاءه لسري. من يأخذني إلى طريق الخير
سوقاً يسوقني إليه. هو من أجده وقت الضيق، و لا أجده في مواضع الشبه! هو من يقوم
لحقي في حضوري و ينصحني في السر. هل تتفق معي في ذلك يا أخي؟!

أحب أن أستشيرك كثيراً يا أخي. و لكن، لماذا لا أرى لك أصدقاء؟!