2009/07/02

روزنامة ألم ـ الجزء الخامس

[ 5 ]





.~.~.~.~.~.~.



كلموني عن حبيبي ..
ودهم أتركه .. و أبقى في هالدنيا لهم ..
روح علمهم يا قلبي و قل لهم :
" هذا روحي ..
هذا إحساسي و هواي "
ما أبي غيره معاي .. !
حاسديني و حاسدينه في [ الغرام ] ..
ليه أنا وياه نحيا في سلام ؟!!
همهم [ بس ] في صف الكلام ..
و صاحبي همه .. يدور عن رضاي !
ما أبي غيره معاي .. !
من سهر ليله على شاني أنا ؟!
من عطاني الحب ؟!
و أحرم من نفسه الهنا ؟!
غيبتي لحظة عن عيونه
سنة .. !
كيف ما اجازيه يا ناس بوفاي ؟!
انتو [ والله !! ] تطلبوني المستحيل ..
اللي مثله ..
صعب تلقى له مثيل ..
حتى عمري فدوه لعيونه قليل !!
وينكم ..
وينه ..
و هو قمره بسماي ؟!
ما أبي غيره معاي !!

كلمات : مجهول


.~.~.~.~.~.~.




.~.~.~.~.~.~.


ـ لا لا .. أمل ما قالت شي !
ـ طيب تو قلتي انها قالت !
ـ لحظة حبيبي معاي خط .. ارجع ادق عليك ..
ـ لا عادي .. بانتظرك .. لا تطولين .

...

ـ ايوه .. شكنا نقول ؟!
ـ أبد .. كنتي تقولين لي وش كثر تحبيني و خاقه معي و من هالكلام .
ـ لا يا شيخ .. !





.~.~.~.~.~.~.








كان خبر وصولي إلى الرياض قد سبقني إلى أصحابي .. حيث تم تحديد موعد مسبق تجتمع من خلاله [ الشلة ] ..
فكانت فرحتي بلقياهم أبلغ تعبير عن مدى اشتياقي لهم ..
كان استقبالهم محفوفاً بالتهكم و السخرية و الاستهزاء و الـ [ مصالة ] .. كما هي عادتهم ..
و قد كان ذلك يعني بشكل آخر ـ غير مباشر ـ : وحشتنا !

على أعقاب تلك الليلة الجميلة التي انقضت ما بين ضحك و أكل و شرب و نفض لركام الأتربة التي علت ذكريات الماضي ..
عدت إلى المنزل مع صديقي محمد و الفرحة تعلو محياي .. فلم يصبح حالنا كما كنا نعتقد ..
و من غير تخطيط أو دراسة استطعنا أن نقوي علاقتنا ببعضنا و نتمسك بصداقتنا رغم اختلاف التخصصات و ابتعاد المسافات ..

أفكار و أفكار تضطرب في رأسي الشارد .. تتدافع فيما بينها بكل خشونة كي تنال إحداها سبق تلذذي فيها ..

و أنا أنظر من نافذتي على شوارع الرياض التي احتضنت فصول طفولتي و مراهقتي ..
و التي أصبحت تنضح بالذكريات و المواقف التي نقشت في صفحات أيامي .. و شكلت جزء مِن مَن أكون ..

فهنا مشيت أنا و أصدقائي و تناقشنا عن الزواج المبكر و فوائده و سلبياته ..
و هنا تناولت مع أهلي طعام العشاء الذي خلد في ذاكرتي موقفاً محرجاً لا أنساه .. !!
و هناك اشتريت حقيبتي المدرسية ..
أما هذه المساحة فلم تكن جزء من ماضيَّ .. و قد تكون جزء من المستقبل يوماً !

ـ الحمد لله عالسلامة !
ـ الله يسلِّمَك ..
ـ توّ ما نورت الرياض ..
ـ منورة بأهلها ..


عندها أشحت بناظري عن محمد .. و اتجهت بخيالي إلى تلك الأنثى التي تملكه .. [ يارا ] ..
فهي التي عودتني سماع كلمات الاشتياق و أصناف الوله ..

ـ ألو !
ـ هلا ؟!
ـ وين رحت ؟!
ـ معك ..


أوقع بي متلبساً بجرم التفكير .. و بدأت ملامح العشق تنبض على صفحة وجهي ..
و الحقيقة تستأذن البوح لرجل واحد فقط .. فليكن محمد .. فليكن محمد !

كم أردت مراراً أن أتقاسم الحديث عن حبي السامي مع شخص أثق به إلى حد الاتكال ..
أبوح له بما يجول في خاطري من غير خوف من ردود الفعل .. أو تغيّر في الانطباع ..

فشعوري بالفخر لكوني أرتبط بـ [ يارا ] يدفعني إلى التهور .. و مزيد من المجاهرة ..
فهي أروع من أن تكون سراً احتفظ به لنفسي ..

أريد البوح .. ليس من أجل الفضيحة .. و لكن ..
أريد البوح كي يعلم غيري أن الله أنعم علي بملاك ليس له مثيل .. و أن النعيم الذي أعيش فيه هو مصدر سعادتي ..
أريد تغيير النظرة السوداوية عن العلاقات الغرامية .. فها أنا و [ يارا ] نضرب أروع الأمثلة في حبنا العذري .. !

شارفت ساعة الصفر على الاقتراب .. و عقارب الساعة في ذهني تربك هدوء أعصابي ..
و تستجرئ لساني على النطق .. و ما في المحيط إلا محمد .. !
الصديق الذي أثق برجاحة عقله و أمانته في حفظ أسراري و خوفه علي .. و فرحته من أجلي ..
فلمَ الخوف ؟!

يتحدث و يتحدث .. و أتحدث معه أيضاً بلساني .. و عقلي ينسج الخطة التي سأقدم عليها بالكلام ..
و يرسم و يخطط .. و ها قد حانت ساعة الصفر ..

ـ محمد .. بقول لك شي و يمكن يطوّل .. عندك شي ؟!
ـ اممممم .. الساعة الحين حدعش .. لا ما عندي .. آمرني ؟!
ـ شف هو موضوع طويل شوي .. يخصني و يهمني انك تدري عن الموضوع ..
مدري ليه يهمني بصراحة ؟! بس انا من جد عايش بفرحة غير طبيعية و ودي لو تكون جزء منها ..
بصراحة مدري وش قاعد اخنبق .. بس الزبدة بقول و ما علي منك !
ـ طيب قول .. ما قلت شي .
ـ اوكيه .. بس تذكر اني ما قلت لك الا لاني وثقت فيك .. و ما ابي يصير في علاقتنا شي أبد ..
و انو وجهة نظرك قد اتقبلها او لا .. بس هي مجرد فضفضة ..
ـ اوكيه .. تراك حمستني .. تكلم ..



نفس عميق و ابتسامة .. ثم التفاتة إلى النافذة .. ثم العودة بابتسامة أخرى واجهتها ابتسامة ..

ـ تكلم !!
ـ يا طويل العمر السالفة اني أحب ..


ما زالت نفس الابتسامة على محياي .. و أنظاري كلها متعلقة بتعابير وجه هذا الرجل ..
أردت أن أرى كيف ستتشكل .. فمن خلالها أعلم تماماً كيف أوجه حديثي .. و بأي أسلوب و نمط ..

ـ طيب ؟!
ـ والله قبل سنة و نص ..


ثم سردت له قصتي حتى عودتي إلى الرياض .. و لم تنطق شفتاه بكلمة .. و أنا أعلم علم اليقين بأن
كلامه الذي يختلج في صدره أكثر بكثير مما سينطق به حين ينطق ..
و هو يقود سيارته في طريق لا نعلم أنا و هو من أين أتيناه و كيف سنخرج منه .. تماماً مثل علاقتي بـ [ يارا ] .

ـ شف حبيبي عبدالعزيز .. وش تبيني أقول لك ؟! مبروك ؟! و الا وش بالضبط .. بس بصراحة صدمة ..
ـ أوح .. صدمة مرة وحدة !
ـ المشكلة بحد ذاتها تهون .. لأن أغلب شبابنا هاليومين طايحين فيها .. بس لما تقف على شخص مثلك .. هنا الصدمة !
ـ تراك معطيني أكبر من حجمي يا هوه ..
ـ و ليه مو انت اللي مستصغر نفسك ؟!
ـ يا محمد .. اللي يشوفك يقول أدخن و الا أروح لحقات الهوى ..
ـ و ربي أهون !
ـ لا لا .. وش أهون ؟! خير يا محمد .. خلك عقلاني شوي !
ـ تبي نحسبها بالعقل اوكيه نحسبها .. الحين لو دخنت وش بتدمر ؟! صحتك و ريحة لبسك و نظرة الناس لك و يمكن دينك .. صح ؟!
ـ صح ..
ـ طيب .. لو رحت لحقات الهوى و سويت اللي سويته راح تدمر دينك و برضو ممكن صحتك و نظرتك لنفسك .. صح ؟!
ـ طيب صح .. لذلك ما سويت لا ذي و لا ذي ..
ـ أهاااا .. المشكلة سويت اللي اشين .. انت تلاحظ كل السلبيات اللي تو ؟! ترجع عليك انت وحدك .. !!
ـ شلون ؟!
ـ أقصد ذنبك على جنبك .. يعني انت اللي تغلط و انت اللي تتحمل الغلطة .. بس في حالتك .. انت الحين تغلط و غيرك يتحمل معاك غلطتك ..
وش لون تخلي البنية تتعلق فيك لهالدرجة ؟! وش ذنب أمها و أبوها اللي جلسوا سنين يربونها و يوم غفلوا عنها جيت انت و خربتها !!
ـ محمد .. وش خربتها .. حرام عليك ! و ربي دايم انصحها و تنصحني و ..
ـ عبدالعزيز .. انت من جدك ؟! لا من جد .. انت تتكلم بعقلك ؟! وش اللي تنصحها ! هي خلقة ما تحل لك !
ـ محمد .. انت منت فاهم اللي اعيش فيه .. حنا اللي نعيش فيه مرحلة فوق الحب .. انا مرة اغار عليها و اخاف عليها و انتبه لها ..
ـ اسمح لي يا عبدالعزيز .. بس من انت عشان تسوي كل هذا ؟! اهلها وش يسوون اذا سويت كل ذا ؟!
ـ المشكلة اهلها مقصرين في حقها ..
ـ طيب و انت وش دخلك ! اهلها مقصرين في حقها تروح تستغل هالثغرة في حياتها و تملاها بغلطة ! لو من جد تحبها كان تركتها .
ـ محمد .. لو ما غطيت هالجانب راح يغطيه غيري و يمكن يستغلها ..
ـ عزيز .. انت تعلم الغيب ؟! حتى لو تعلم الغيب تبي تنتبه لها و على قولتك تصحح اغلاطها تروح تطيح انت وياها في غلط ..
اعذرني على صراحتي يا عزيّز .. بس انا صديقك و ما راح اجاملك في امور زي كذا .. انا بالفعل اخاف عليك ..
و لو ما اخاف عليك ما تكلمت معاك في هالشغلات .. و كان جاملتك و داهنتك لين أشوف الفاس طايحن بالراس ..
عزيز حط اختك مكانها .. ترضى احد يجي يوقف زي وقفتك مع حبيبتك [ على قولتك ] باسم ان اهلها مو واقفين معها ..
ـ محمد .. لو سمحت طلع اختي من السالفة ..
ـ ما ينقاس على اختك بشر .. و هي بحسبة اختي و انت تعرف هالشي زين يا عزيز ..
بس غيرتك ما تسمح لك انو يصير ـ او مجرد تفكر انو يصير ـ لاختك هالشي .. صح ؟!
ـ .......
ـ طيب شلون تتوقع غيرك يرضاه لبنته و الا لاخته ؟!
عبدالعزيز انت قلبك طيب .. و انا اعرف انك سويت هالشي عن حسن نية .. بس اللي سويته غلط ..
ـ منيب مقتنع انه غلط .. اسمح لي !
ـ طيب اقنعني انه صح .. و ربي اتمنى انه صح يا عزيز !
ـ شف انا ما جهزت نفسي للنقاش عشان كذا ما عندي حجة ..
ـ و انا صار لي يومين اتجهز يعني ؟! عزيز انت ما لك حجة لانك تدري انو ما فيه !
عموما .. انا ما يهمني يا عزيّز تقنعني انو هالشي صح و الا غلط .. بس ابيك تقنع نفسك انه صح ..
لأن لو قلبك هو قلبك اللي على خبري ما راح تقتنع .. !
ـ والله شف يا محمد .. كلامك فيه جانب من الصحة .. بس ما اعتقد انك راح تقول هالكلام لو مشيت على خطواتي ..
لو حسيت باللي احسه و عرفت وش كثر احب هالادمية ممكن تتغير نظرتك .. ما اقول اكيد .. بس ممكن ..
عموما كلامك على عيني و راسي .. و تظل هاذي نظرتك اللي احترمك و اقدرها ..
ـ عبدالعزيز .. اتمنى صراحتي ما تزعجك .. بس ثق ثقة تامة انو كلامي لمصلحتك اولا و اخرا .. و انت فكر زين ..
ـ شدعوه ! ادري انك تخاف علي يا بعد عردزي .. وه بس .




ليلة يملؤها الضجيج .. فلأول مرة في تاريخ علاقتي مع يارا يرتفع صوت عقلي على قلبي .. !
و ما زال صوت محمد يتردد في جوفي و يوقض فيني ذلك الشيء الدفين الذي يدعى .. ضمير ..















حبيبتي


هل فعلاً أحبك ؟!

2009/06/28

خدّاعة ..





كثيراً ما تتملكني الرغبة في تجربة شيء جديد ! كالرغبة في تذوق كل شيء و التلذذ بطعمه ..
أو الجلوس في زاوية إحدى المقاهي و مراقبة الناس .. ليست " لقافة ” و لكن مجرد تجربة .. !

من بين ركام التجارب بدأت أتشرب بعضها حتى أصبحت هوايات تلازمني .. فأنا أهوى كثيراً
الفراسة .. و قد يعود ذلك إلى اسمي من حيث لا أعلم .. و لكني أعلم يقيناً أن ظني يصيب غالباً ..

أذكر جيداً أول يوم لي في جامعتي الحبيبة .. كنت ليلة ذلك اليوم قد أخذت على نفسي عهوداً و مواثيق
لا أتجاوزها شبراً و لاحرفاً .. كالقانون الذي وضعته في عدم تكوين صداقات .. و أن يكون لي
برستيج " رسمي ” .. و تتضح معالم حدود الجميع معي منذ أول يوم ! .. و سرعان ما تهاوت ..

بثوبي الأبيض " المكوي ” و كابي الكحلي جلست في المقعد المحاذي لبوابة القاعة .. و علامات
الجد مرسومة على محياي كما قال الشاعر المصري :

الله الله عالقد .. و القد الله الله عليه !

مع كل صرير للباب تحتضن القاعة طالباً جديداً .. و علامات كثيرة ترتسم على رؤوس الطلبة :
[ أحجز لي كرسي و الا في الجامعة ما فيه هالنظام ؟! ] [ أسلم و الا اتبرطم ؟! ] .. و أنا " شغّال ” فراسة ! ..

و بما أنني الـ " مستر أبو قفطه ” .. فقد وضعت على عدد من الطلاب " اكس ” تعني عدم الاحتكاك
بهم .. و بقية الطلاب في عداد الـ " لا لك و لا عليك " ..

كان هناك طالب عرف في أوساطنا بتسيّبه عن المحاضرات .. و ذلك لانشغاله بلعب " البلوت ” مع أصحابه
في " كافتيريا ” الجامعة .. و كنت أتضايق من عدم مبالاته بمستقبله . حتى أصبح في نظري " داج ” !

اعتدت الخروج في بريك الغداء إلى " صحارى " لتناول وجبة الغداء .. و لكن في أحد الأيام آثرت
الجلوس في الجامعة .. و حينما ذهبت إلى المصلى لأداء صلاة الظهر حدثت المفاجأة ..
وجدت " راعي البلوت ” في الصف الأول يتسنن .. و فور انتهائنا من الصلاة خرجنا على غير اتفاق معاً ..
تقابلنا عند أدراج الأحذية و قال لي : [ ما شاء الله يا فراس .. مسلم ! ] ثم ابتسم ..

استصغرت نفسي كثيراً .. و كبر في عيني أكثر !


حدث موقف آخر مع مسوؤل الصالة الرياضية التايلندي .. و غيرها مواقف ..
و في كل مرة أقول في نفسي : المظاهر خدّاعة .. ثم أعود !

و أنتم ؟!