2009/11/19

غيرني





في الآونة الأخيرة كثرت المقالات التي تتحدث عن الجوانب السلبية لدى مجتمعنا السعودي. و
كيف أنه بإمكانك تمييز بلدك من التصرفات المشينة الصادرة من شعبه، ناهيك عن السخط
والتذمرالشديدين تجاه الأنظمة الحكومية و الخطوات التعجيزية للوصول إلى المبتغى. سؤالي
هنا:

ماذا فعلت تجاه هذه المعوقات أو المشاكل التي لا تنفك عن الإنزعاج منها ؟!


يقيناً أعلم أن هناك عدد لا بأس به من الأشخاص الذين يسعون بكل ما أوتوا من سعة أن
يتمثلوا بالأخلاق السليمة و الأفعال القويمة التي من شأنها أن ترسم أنموذجاً حياً يقتدى به و
يسار على نهجه، أناس تمكنوا من السير عكس التيار الخاطئ ليبدوا حركة الإصلاح و التغيير
الإيجابي ليرفعوا معدلات الوعي لدى وطن تحمّلوا عبء مسؤوليته. و لكن الآثار لم تبد بعد، لم؟


في يوم من الأيام خرجت مع أحد أصحابي " نتمشى " في شوارع الرياض الجميلة، و فيما
نحن نتجاذب أطراف الحديث إذ أفاجئ بحفرة أمامي لم أستطع تفاديها. خربشات بسيطة في
أسفل الصدام كانت هي آثار تلك المفاجأة الغير سارّة! انزعجت كثيراً من هذا الإهمال الصادر
عن الوزارة المختصة في شؤون الطرق! و لكنه انزعاج سلبي لا ناتج له غير " رفعة الضغط ”!

حقوق كثيرة تهدر، و مشاكل جمة تغطى بغطاء التناسي و الكسل عن السعي الجاد لحل مثل
هذه المشاكل.

هنا تولدت لدي فكرة إنشاء مجموعية إصلاحية تحت مسمى [ قروب غيرني! ] يهدف إلى
تغيير الفكر الفردي، فالمحيط، فالمدينة، ثم المجتمع. في آلية بسيطة سهلة لا تكلف في
مشاريعها و لا تتطلب جهوداً جبارة أو شهادات و خبرات.

عُرضت الفكرة على أسماء إصلاحية كثيرة لها باع طويل و اسم معروف في هذا المجال فأيدت
المشروع و عرضت خدماتها لمساندة هذا القروب على النهوض حتى تكون مؤسسة فاعلة
للتغيير الإيجابي في مجتمعنا.

الآن، تستطيع من خلال هذا القروب أن توجد التغيير الذي كنت تتمنى وجوده من قبل،
تستطيع أن تقف جنباً إلى جنب مع هؤلاء الذين يحملون نفس همك و توجهك الإيجابي.


قد يتبادر إلى ذهنك سؤال:

لماذا أنظم إلى قروب غيرني! ؟!

ببساطة، لأننا مجموعة من الشباب و الفتيات الذين يهدفون إلى تغيير مجتمعهم بأبسط الحلول
و المقترحات و المشاريع التي لا تكلفنا أدنى جهد، معنوي أو مادي. لأننا نسعى للتغير وفق
خطط بسيطة و مريحة و الاستفادة من أوقاتنا في إيجاد مناخ أفضل لنا و لأهالينا و أفراد
مجتمعنا. لأننا نجتهد في تحويل أقوالنا إلى أفعال لها أثر ما دمنا قادرين على ذلك.

شرط بسيط عند انضمامك إلى قروب غيرني!:
ادع أقرب شخص إلى نفسك للقروب. =)

للتسجيل في القروب أو الاستفسار: ghairny@hotmail.com

2009/11/01

عن خبرة




توجهت ذات مساء إلى " الفيدوهاتي " المجاور لمنزلنا. ببرود تام أتصفح مجلد الأفلام
الأمريكية الجديدة، أقلب صفحاته بهدوء، أقرأ اسم الفيلم ثم أنظر إلى الصور. اكتشفت حينها
أنني قد " غطيت " على كل الأفلام الأمريكية الجديدة التي تتوافق مع ذوقي. أخذ الهندي
المجلد بلطف من يدي مبتسماً، يقلب في صفحاته حتى توقف على غلاف أحد الأفلام. يضغط
باصبعه مراراً على صورة الغلاف و هو يقو: [ هدا فيلم ميه ميه، انا مسؤول ] ثم يضرب على
صدره ! في نفسي أقول [ شكل الفيلم جامد ! ] أخرج الريالات العشرة من جيبي. قبل
العودة إلى المنزل " أسيّر " على إحدى المطاعم لشراء وجبة عشاء تتوافق مع الجو السينمائي.
يبدأ الفيلم و تمر الدقائق الأولى بطيئة مملة، أحترق قهراً فيها على ذوق الهندي الخايس!


في كندا، حينما كنت أدرس في إحدى المعاهد لتطوير لغتي الإنقليزية، انتقلت من المستوى
الخامس إلى السادس. كانت مارثا، العجوز الشمطاء، هي مدرستي في ذلك المستوى. حذرتني
إحدى الطالبات المكسيكية منها إذ أنها تتصف بكثرة الحركة (hyperactive). توجست منها
خيفة، و قبل حضوري لحصتي الأولى معها قمت بكتابة اسمي في قائمة المطالبين بتغيير
مدرسيهم. مرت الساعة و النصف سريعاً، كنت أسرع منها بعدها في شطب اسمي من تلك
القائمة!


فتاة عشرينية تبكي، تحتضنها إمرأة في عمر أمها بحنان تام، تطبطب على ظهرها محاولة
إخراج زفرات الحزن و بقايا الألم. [ يا حبيبتي، الرجال كلهم كذا. ما يهتمون بمشاعر الحريم.
ما يدرون ان الحرمه تسوي و تسوي عشانهم و هم ما يقدرون ! خذيها مني نصيحة و عن
خبرة، لا تتعبين نفسك كثير لين يحس بقيمتك، خليك كسوله و لا تهتمين بنفسك لين يحس
بالفرق و عقبها راح تشوفين شلون يصير معك ! ]
تهدأ أنفاس الفتاة، لحظات من الهدوء
يقطعها سؤال: [ حظ زوجك فيك يا عمه ] [ هاه؟ لا يا حبيبتي، أنا مطلقة ]!

/
\
/


كلنا قوالب، فما لا يصلح لك قد يصلح لغيرك. و الأمر الذي لم ينجح معك قد ينجح مع غيرك.
لا تعمم القواعد الفاشلة في حياتك على حياة الآخرين، فقد تكون تكوينة شخصية هي السبب
وراء ذلك الفشل. اعلم أن الأحداث تصير وفقاً لطرفين و توقيت الحادثة، فعندما تتوافق هذه
الثلاثة مع فرضيتك، حينها فقط يمكنك التهور باستخدام عبارة: [ عن خبرة ] !!

2009/10/23

لا تغازل أختي




هل مررت يوماً بموقف توافقت فيه توقعاتك مع النتائج ؟! مثلاً، يعرف عنك أنك سائق
متمكن و خلال سنة كاملة لم تقم بأي مخالفة مرورية إضافة لكونك لم تصطدم بأي سيارة أخرى.
معدل ثقة في قيادتك مرتفع جداً، ولكن حينما يقوم أحد أصدقائك بإعطائك سيارته لتجلب له
غرضاً تبدأ الوساوس " تحوس بك " و تشعر بأنك ستصدم بكل سيارة حتى " تجيب الطعة "
و تصدم ! ما تفسيرك لهذا الشيء ؟

يقال: إن العقل لا يدرك الفرق بين الحقيقة و الخيال المتخيل بشدة.
و يقول الله تعالى في حديثه القدسي ـ أو فيما معناه ـ: “ أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما
يشاء ”.
و يقول الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ: “ تفاءلوا بالخير تجدوه ".
و يقال كثيراً: النتائج تكون في أغلب الأحوال موافقة للتوقعات.

[ طيب وش دخل العنوان ؟! ]

قبل ثلاثة أشهر تقريباً، أخذت أختي و بنات خالتي إلى إحدى الأسواق لكي " يشوفون لهم
كم شغلة ". أحرص دائماً أن تأخذ أختي و قريباتي راحتهم في التبضع في الأوقت الذي أحرص
عليهم دون أن ألفت انتباههم لذلك. فبمجرد أن تزرع ثقتك في من حولك ستعود عليك النتائج
متوافقة مع تلك الثقة التي زرعتها فيهم.

و هذا ينطبق أيضاً على الشباب. فبمجرد اشعارك لهم بأنهم شباب ناضجون يخافون على أهلك
قدر خوفك عليهم و أنهم لن يتعرضوا لهم بسبب ترسباتهم التربوية السليمة فإن النتائج غالباً ـ و
لا أقول دائما ـ ما تتوافق مع تلك الثقة.

لماذا نحرص على أن ننظر إلى عيني كل شاب يمر بجانب أخواتنا في السوق بكل تهجم و كأننا
نشك بأنه و في أي لحظة سيهجم عليهن ؟ أما كان من الأجدر لنا أن نحسن الظن و نبتعد عن
تلك التصرفات إلى حين موقف يستلزم ذلك ؟

بالنسبة لي كشاب، و من الشباب الذي يندر خروجه للأسواق، تتعبني تلك الظنون السيئة بنواياي
و أشعر بأني مذموم، و مشكوك في أمري من قبل أهل بلدي الذين هم مني و أنا منهم، و خوفي
على بناتهم يعادل خوفي على أخواتي و أهلي!

قال يعقوب لأبنائه: “ و أخاف أن يأكله الذئب و أنتم عنه غافلون " و هنا كانت ردة فعل أبنائه
أن توافقت مع توقعات أبيهم.

زرع الثقة في من حولك أمر جد جميل، و مطلب ضروري نحل به مشاكل كثيرة. ازرع الثقة في
أخواتك و أهلك، ثم قم بنشر هذا الفكر بين عائلتك و أصحابك، لنكون مجتمعاً واحداً مترابطاً
برباط الثقة التي نحن أهلها.

موقف بسيط لا أنساه، و أنا في المواقف أمام مكتبة جرير مر من أمامي شاب عليه سمات
الالتزام و خلفه تمشي زوجه و هو يضحك ثم يلفتفت عليها و يتكلم و أظنها من خلف نقابها
تضحك. أعجبني كثيراً بساطته في التعامل معها أمام الناس و ثقته فيها و عدم تقييدها بقيود
لا علاقة لها بالدين، و تنبع من منبع هو أقرب إليه من منبع فكري متأخر، ثم الثقة التي زرعها
فيني حينما مر بجانبي و نظر إليّ في سيارتي و لم يلتفت لزوجته كمن يقول: [ لا تقعد تناظر
بحرمتي ! ] شكراً لك أيها الشاب الملتزم الناضج. و شكراً لأبي و أمي يا من علمتماني أهمية
الثقة التي زرعتماها فيني، و أرجو أن أكون أهلاً لها.

2009/10/11

صداقات مشروطة





لا زال صوت أخي يتردد في ذهني سنوات عديدة [ على أي أساس تختار صداقاتك؟ ]. في
حقيقة الأمر، لا أدري! في لقاءاتي مع أصدقائي كثيراً ما أسرح بتفكيري باللحظات الأولى
لتعرفي عليهم. كيف كان انطباعي المبدأي عنهم؟ و كيف تغيرت نظرتي وفقاً لظروف و مواقف
تثبت ما لا تبوح به المظاهر. أفرح كثيراً لوجود أصدقاء تربطني بهم سنوات ليست في عداد
سنيني القليلة! راحة، هي التعبير الأدق لذلك الشعور الذي يسري في نفسي حينما أستشف
ارتياح أصدقائي لي، و ثقتهم بي، و علاقة كانت أرقى من أن تزعزعها سنين عجاف.


[ على أي أساس تختار صداقاتك؟ ] أصارحك القول يا أخي بأني لا أعلم. نعم، أريد أن أعلم
و أن أتعلم الطريقة الأنجع لاختيار صداقة ناجحة. ولكن، هل تعدني بأن اتباعي لتلك الخطوات
سيمهد لي طريقاً إلى صداقة كاملة؟! وهل تكمل الصداقات يا أخي؟ أم أننا نساق كرهاً إلى
التسليم بقول الشاعر:

إذا كنت في كل الأمور معاتباً
..................صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه


مظاهرهم لا تخدعني يا أخي. و لكنها أيضاً ترسم لي صورة غير مكتملة الملامح عن
بواطنهم. أمن الإجحاف أن أطمع بصديق يبادلني ذات القدر من الإحترام و التقدير
والإخلاص؟ فلماذا يكثر الكَلِمُ و تقل الأفعال! أحقا تقع الطيور على أشكالها؟ فكيف بشكل
سقطت عليه صنوف الطيور كلها؟


ورقة و قلم. بدأت أخط عليها كل اسم ارتبطت به صفة الصداقة في نفسي. أصدقك القول بأن
الرقم أرعبني! أسماء كثيرة تملأ الصفحة الكبيرة. إذاً لماذا أتحرج من الإتصال بهم خشية أن
أكون ثقلاً زائداً على وتيرة أيامهم المتسارعة؟!

لا يحق لك أن تسألني هذا السؤال بذلك البرود يا أخي ثم تتركني مع صداها أتحرى إجابته!
أحب أن أضحك و أن أشعر بالسعادة، فهل هذا سبب يكفي بأن أجعلها الخصلة الأساسية
في اختياري؟
على ذكر اختياري، يقول لي أحد أصدقائي ـ إن سمح الحرف لي بهذه التسمية :
[ احرص حرصك كله على من يختارك صديقاً له، لا من تختاره صديقاً لك! ] هل تتفق معه
يا أخي؟ أم أنه يتكلم فيما لا يعلم؟!

هل حقاً أن الصداقات مراحل؟ و على أي أساس تمرحلت؟ أقرأ لغازي القصيبي في كتابه
( حياة في الإدارة ) حيث يقول في معرض حديثه عن الصداقات أن أصدقاء البلوت ليسو
كأصدقاء العمل. كما أن أصدقاء القرابة ليسو كأصدقاء الطفولة. فما الفرق؟ و ماذا لو وجد
الصديق القريب الذي يلعب البلوت معي منذ الطفولة، أهو الصديق الصدوق؟ و هل تقرأ
لغازي القصيبي؟



أيكفي شعوري بالراحة لحديث أحد أصدقائي، و أن يصدق مخبره ما يظهر؟ و ألا أسمع عنه
إلا ما أستحسن منه؟ و ألا أعلم من أخباره إلا كل ما يسر النفس و ينشرح له الصدر؟ أم
أن الأمر أكثر تعقيداً من ذلك؟

اتخذت قراراً لا رجعة فيه يا أخي! في الحقيقة، رأيك يهمني. صديقي هو ذلك الصديق الذي
أرضى منه دينه و خلقه. هو صديق أأمنه على أهلي و مالي و نفسي. هو من أكون معه كما
أكون مع نفسي. هو من لا أخشى غدره يوماً و إفشاءه لسري. من يأخذني إلى طريق الخير
سوقاً يسوقني إليه. هو من أجده وقت الضيق، و لا أجده في مواضع الشبه! هو من يقوم
لحقي في حضوري و ينصحني في السر. هل تتفق معي في ذلك يا أخي؟!

أحب أن أستشيرك كثيراً يا أخي. و لكن، لماذا لا أرى لك أصدقاء؟!

2009/09/24

ركبتك سودا ؟ =(





المجتمع السعودي بشكل عام يواجه مشكلة " عويصة " حول ما يسمى بالركبة السوداء. حيث
أصبح الشرط الأهم بعد الدين أن " تلقّ " ركبة البنت ! و أصبحت جل اهتمامتنا
كيف " ندعك " ركبنا حتى يظهر اللون الأصلي ـ الزهري.

من قال أن الركبة السوداء " كخّه " ؟

يدور نقاش طويل بيني و بين أصدقائي حول المواصفات الجمالية في الأنثى، بالطبع تدور
نقاشاتنا غالباً حول نقاط و قضايا أهم، و لكنا نعود دوماً إلى أهم القضايا التي تشغل فكر
الأمة الشبابية العازبة " الملحّطة "، المرأة !

يقول أحدهم: [ تعرف البنت من يديها، فنعومة اليدين و صفاءها و امتلائها تخبرني بكل ما أريد
أن أعرف ]
.

و استغربنا كثيراً من قول أحدهم: [ أكثر ما يجذبني في الأنثى هي أن تكون ممتلئة إلى درجة
تتواجد فيها بعض " السفطات " ]
!!

آخر يقول متفلسفاً: [ في اعتقادي أن الرجل البدين يفضل النحيفة، و العكس ].

و في البدانة و النحافة و الطول و القصر اختلفت أذواقنا حتى أكاد أجزم أننا لم نتفق إلا
على نقاط رئيسية لا يختلف عليها اثنان.

قبل فترة ليست باليسيرة قرأت في إحدى المنتديات رداً أثار استغرابي لإحدى العضوات تصف
فيه الرجل و الزوج المثالي في رأيها و الذي تتمناه، تقول: [ أكثر ما أتمناه في زوجي أن يكون
صوته ناعم جداً. أتمنى أن يمتلك بشرة ناعمة حتى أشعر بالدفئ لحظة ملامسته ليدي. أريده
ألا يسمع صوته خارج حدود الغرفة التي يجلس فيها. أريده رقيقاً ]
!

كنت أعتقد أن إحدى النقاط التي لا تختلف الإناث عليها هي الصوت الرجولي و الحضور القوي
للرجل في أي مجلس يُجتَمع فيه. و لكن، تختلف الأذواق و لا تبور السلع.

في إحدى المنتديات التي أتابعها قراءة شدني موضوع بشكل استفتاء، يقول السؤال فيه:

من الأكثر جاذبية في نظرك، الرجل الأسمر ؟ أم الحنطي ؟ أم الأبيض ؟


كانت الأغلبية الساحقة، و الغير متوقعة بالنسبة لي، للرجل الأسمر. يليه الحنطي فالأبيض. كذلك
تنوعت إجاباتهن حول الرجل ذو الشعر الناعم و المجعد و الأصلع.


أخرج من خلال ملاحظاتي البسيطة إلى قاعدة قلتها لأحد أصدقائي:

[ كل انسان بهالدنيا و له شخص يشوفه انو اجمل شي بهالكون، يشوف انو وجهه و جسمه و
شعره و لونه و اسلوبه و صوته و كلامه هو أطلق شي في هالكون. لذلك المفروض كلنا نكون
راضين بأشكالنا لما نعرف انو حنا الأكمل في عين شخص في هالدنيا ]
.

متذمراً يقول: [ طيب و كيف أقابل هالشخص ! = ( ]

أؤمن بأنه يوجد الكثير ممن تجذبهم الركب السود كإيماني بأن الفتاة بلا مكياج أجمل !

2009/09/23

شكراً يا حلوة





في يوم الثلاثاء ١١ من رمضان لعام ١٤٣٠ هـ، و الموافق لـ ٢٠٠٩/٩/١ م، كان وصولي
إلى الرياض عائداً من رحلتي الدراسية إلى Vancouver. لما أتوقع استقبالاً حاراً بسبب
توقيت رحلتي " الأليييم ”. كان وصولي إلى المنزل في الساعة السادسة صباحاً. تفاجأت
ببالونتين عند البوابة الخارجية للمنزل. [ ايه صح ! اختك مسوية لك حفلة مفاجأة ] قالها ابن
عمي بكل " فغارة " ! [ لا لا ما سوت شي ] أخي الصغير يلتفت على ابن عمي محاولاً
" تصريف " الموضوع. تظاهرت بعدم معرفتي للموضوع و " انبسطت " للمفاجأة !

حينما دخلت، كانت حديقة المنزل مزينة بالبالونات و زينة الحفلات. ابنة عمي مختبئة خلف ستائر
النافذة تحمل في يديها أنبوباً تنفجر عنه أوراق ملونة، حاولت جهدها فتحها و لكن !. رمت
الأنبوبة على وجهي و قالت [ افتحها بنفسك ! ].

خلف زاوية الممر كانت أختي تقف بكاميرتها لتوثيق ردة فعلي. كم أحبك و أحب تفكيرك في
طريقة تعبرين فيها عن سعادتك بعودتي ! حتى غرفتي قامت بتنظيفها و تعطيرها.

في زاوية غرفتي، لدي ثلاجة صغيرة أقوم بين فترة و أخرى بملئها بـ " الشوكولاطات " و التي
عادة ما تملأ بطون إخواني. قبل سفري كانت شبه فاضية، قامت هي بملئها !

أخيراً، عمي و خالتي أشتروا لي كعكة ترحيب بي، و الغريب أنها من " الكيكات " النادرات التي
أعجبني حقاً طعمها !

شكراً لكم على هذا الترحيب الحار، و شكر خاص لأختي القمورة. [ يلوموني ! ].




صورة للمدخل


زاوية أخرى للمدخل و النافذة التي كانت بنت خالتي متوزية وراها


صورة للحوش بعد تفجير الزينة !


سيارتي متزينة لي .. على فكرة كانت مغبرة و ميب مغسولة !


الثلاجة .. =)


كيكة عمي و خالتي .. شكراً

2009/09/19

مالهوش طعم





ليست الألوان وحدها التي تبهت مع الأيام، فطعم الفرحة التي كنا نعيشها صغاراً لم تعد ذاكرتي
تقوى على استرجاعها. لن أكون أول من يقرع طبول الحزن على أبواب العيد، و لن أكون آخر من
يتحرق شوقاً لماضي لم يكن بتلك الروعة التي يتصور! و لكني أجزم أن الجميع يقولون أن عيدنا
و رمضانا الآن " مالهوش طعم " كما كان من قبل. لماذا ؟

تقول إحداهن: [ مشتـآقه لأيآم الصبآ ,: بفستاني وشنطتي طقم الفستان .واروح لجارنا ابو
عبدالرحمن ويعطيني ريآل .. صح ريال بس كنت افرح فيه .. الحين الميات ماعاد احس فيها ]


في الليلة التي تسبق رمضان، أقف عاجزاً عن الفرحة أو الحزن و كأنه شهر يستوجب علينا
الامتناع فيه عن الطعام و الشراب فقط! و الوقوف بلا حراك لسماع تراتيل تطرب لها الآذان
و لا تتحرك لها القلوب. في العيد أنام متأخراً، كعادتي، ثم أصحو لصلاة الفجر و النوم يداعب
جفناً أرهقه التعب. بخطوات ثقال أعود إلى سريري لا أريد سوى النوم. فلا عيد يجيء معه الفرح
في هذه الأيام.

هل حقاً ماضينا جميل ؟ أم أننا نعشق الماضي بحلوه و مره لأنه ماض " و خلاص " ؟!


أعياد أذكرها صغيراً، ألبس فيها ثوبي الجاهز، أصيلاً كان أم دفة، و شماغ طرفه الأيمن يداعب
شحمة أذني و طرفه الآخر أجره على الأرض. لم يكن عقالي وحده المبتسم في تلك الأعياد! رغم
اتساخ ملابسنا من تراب شوارع جلسنا عليها لإشعال " الطراقيع ” و التراجم ببالونات المياة
كنا فرحين!

الآن، أشتري قماشاً بمبلغ و قدره من المحل الفلاني. ثم أقوم بتفصيله بمبلغ آخر و قدره عند
الخياط العلاني. شماغ يكوى، و عطور تشترى، و هدايا تجهز. آملاً فقط بيسير من فرحة أيام
لن تعود كما كانت أبداً.

العيد في صغري كان مصدر فرح لي لأسباب كنت أطمح لها. عيدية أجمعها، جزمة جديدة
أشتريها، الجلوس مع أهلي في الصباح و كأننا دمى بألبسة جميلة، اجتماع العائلة في بيت
جدي، شعوري بأن الجميع يعيش لحظة من السعادة و صفاء النفس.


الآن، أحاول جاهداً أن أجعل هذه الأيام هي الماضي الذي سيتذكره إخوتي الصغار. لتكون
إحدى العتبات الجميلة التي يقعدون عليها عند أبواب الذكرى بابتسامة تلفحها عبير من الماضي.
لم أحاول أبداً إجبار أخي الصغير على صلاة التراويح بالرغم من مجيئه معي مدعياً بذلك.
يركض في ساحة المسجد مع أبناء عمي يلعبون. نخرج من المسجد متجهين إلي إحدى الأسواق
القريبة منا لشراء " الطراقيع ”. بعد أذان المغرب يتوجهون إلى هرفي لشراء " آيس كريم ".
سيأتي اليوم الذي تتذكرون فيه هذه الأيام، و توجعكم الذكرى.

الماضي جميل، و لكن الحاضر أجمل. لن نعرف قيمة حاضرنا حتى يمضي.



ملحوظة: رمضاني هذا كان رائعاً. و أعتقد أن عيدي أيضاً لن ينسى! المقال لا يمثلني أبداً.

2009/09/15

مدري وش أهديه ؟





( ساعة، عطر، محفظة، و مسبحة )
لا تخرج الهدية غالباً عن هذه الخيارات الأربع. أجد، و قد
يجد غيري مثلي، أن عملية اختيار الهدايا مرهقة جداً! إلى درجة تدفعني للتثاقل فيها حتى أقارب
اليأس و أشتري " عطر و الا ساعة ". لماذا عطر ؟ ألهذه الدرجة نحن شعب " مخيس ” ؟ و
الساعة! أعتقد أنها هدية دخيلة على مجتمع لا يقدر الوقت، إلا من رحم ربي.

حينما تأخذ فكرة حيزاً من تفكيري تتشعب إلى أفكار لا تنتهي فأتعب حتى أعود إلى نقطة
البداية مرة أخرى و أتساءل عما إذا كانت الأسباب هي الدافع وراء النتيجة أم العكس!


لا أذكر جميع هداياي التي قمت بإهدائهــا، و لكني أعلم أنها قليلاً ما تخرج عن حيز المعتاد
من عطر أو ساعة. أخبِرت يوماً بأن أفضل الهدايا هي تلك التي توافق رغبة في نفس المهدى له،
و لكني وجدت أننا شعب نتكلم كثيراً دون الاحتكاك بحدود رغباتنا! فيسد هذا الباب في وجهي.

أعود إلى أجمل الهدايا التي أهديت لي، بعضها قد لا يحمل تعريف الهدية و لكن أثره في نفسي
لا ينسى و لن. قبل عام، تقريباً، أخذت أهلي إلى إحدى " الملاهي " ثم ذهبت على أن أعود إليهم
حينما تتصل أمي علي. عدت إلى المنزل و قضيت يوماً عادياً جداً. اتصلت بي أمي فذهبت. بدأ
الأطفال بركوب السيارة و الصراخ و " القلق ” ثم ركبوا جميعاً. قبل أن تتحرك السيارة قالت لي
إحدى قريباتي: [ خذ يا فراس، شريت هالكوكيز لك ]. انحرجت من تصرفها جداً! شكرتها و
تحركت السيارة. كنت آكل قطعاً صغيرة منها و كل تفكيري في ذلك الإحساس الدافئ الذي
يتدفق في صدري. جميل جداً ذلك الإحساس، و لا أدري حقاً لماذا. كنت، و أعتقد أن السبب هو
هذا، فرحاً حينما تخيلت أن هناك من يفكر بشكرك على مجهودك لحظة انشغال البقية في إسعاد
أنفسهم. قلت، و سأقول دوماً، أن الهدية بلا ميعاد و لا سبب لها مفعول يسحر النفس، و يدغدغ
المشاعر!


في السنة التي سافر أهلي فيها إلى ماليزيا و قضيت أنا ذلك الصيف " منطقّاً " في الرياض
لإكمال دراسة الفصل الصيفي، كانت التجربة جديدة علي و كانت جميلة في بدايتها. لم تلبث،
كعادة كل التجارب، أن تتحول إلى اشتياق إلى أهلي. بعد شهرين تقريباً عادوا. و مع غمرة
الفرحة لم يكن شيء يسواي فرحتي برؤيتهم حتى نسيت أن " أتشره " عليهم بعدم إحضار
هدايا لي و لو شيء " يتعذرون به! “. و قبل أن أنام دخلت علي أمي بـ T Shirt أسعدني
كثيراً، أكثر مما أعجبني. حتى أني كنت ألبسه في كل أسبوع حتى " حللته " !

من وجهة نظري أن الهدية المتميزة ترتكز على ركيزتين:

١ـ التوقيت.
٢ـ الحاجة.


و لا أنكر أبداً وقع أثر الشخص المهدي و مكانته و تأثيره على قيمة الهدية نفسها.

متزوجة، قرآت قصتها في إحدى المجلات قديماً، تقول أنها أثناء فترة ملكتها كانت تخبر زوجها،
كعادة الكثير من المتملكات، عن كل صغيرة و كبيرة تدور في البيت بكل ما أوتيت من " طفاقة ".
و في أحد الأيام كانت غاضبة من أختها التي لا تنفك من استخدام وسادتها! تقول، زارني عقبها
زوجي زيارته الأسبوعية و كانت فرحتي لا توصف حينما رأيته يحمل وسادة هدية لي! بالطبع
قيمة الوسادة لا تقارن بقيمة الهدايا التي أهدانيها بعدها. و لكن الوسادة هدية لن أنساها أبداً!


نحب أن تهدى لنا الهدايا لأنها تشعرنا بقيمتنا. بأن هناك من يفكر فينـا. أما حينما توافـق
الهدية رغبة في النفس، أو أمنية عابرة قيلت في مجلس يملأه الضحك، فهي هدية لا تنسى.

قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: “ تهادوا تحابوا ”.

2009/09/01

حدود صفراء





كثيراً ما تراودني أسئلة تقف على حدود تفصل بين الدين و التقاليد. الشريعة و المبادئ. أسئلة
لا أعرف لها " صحاً " و لا " غلطاً " ! أحاول الغور في التفاصيل ـ كعادتي ـ لعلى أجد فيها
بصيص هداية يدلني، و لكني أعود دوماً بحِملٍ من الأسئلة يفوق ما حملت !

الوقوف على هذه الحدود ( الدين / التقاليد ) يتطلب شجاعة و دراية. فقهاً بالدين و الدنيا.
يتطلب يداً تمسك بمنتصف العصا فلا تفرط و لا " تنفرط ". عقل تحليلي يستطيع توقع القادم
من الأيام. فراسة لما تكتنف الأحكام من أمور و ما تتوالده من ردود أفعال. فلا مجال لأحكام
متسرعة تصدر، و لا لعواطف تقودها فتَدْمُر.

زمننا هذا كثر فيه المفتون و المتحدثون و الناصحون و العالمون، حتى لم يكد يبقى منا من يتلقى
هذا الكم الهائل من العلم ! بتنا نعتمد على غيرنا في أبسط أمورنا. سلمنا أمورنا لغيرنا و
سلبنا أنفسنا متعة البحث و التفكير و تحريك هذا العقل الذي لم يخلقه الله عبثاً. في اعتقادي أن
الوقت قد حان لنحلل. لنشغل " ماطوراً " بلي في جماجمنا. لنبدأ رحلة جديدة في الحياة تنطلق
من نظرة تحليلة أدق. لنصل إلى صورة شاملة أجمل.

هنا، لا أتكلم عن المسائل الفقهية. و ما قصدت المساس بأصول الدين و الشريعة. فالعلماء
هم مرجعنا فيها. و كم هو جميل أيضاً لو بدأنا بطلب العلم و الاستسقاء منه قدر الاستطاعة،
لا اللجوء إليه وقت الحاجة فقط. حديثي هنا عن نقاط خلطناها مع الدين خشية سقوطنا فيما
يلامسه. لن أبحر معكم في كل شي، و لكني سأطرح نقاشاً حول بعضه.



الشبكة العنكبوتية ـ العالم الذي ترسمه بنفسك ـ هي نقطة النقاش هنا. باستطاعتك أن تشكل
كل ما تريد على كيفما تشاء. بداية بتحديد جنسك، و نهاية بطريقة تفكيرك.

في أول الأمر، و مع بدايات دخول " النت " علينا كنا نخشاه. النصائح المنهالة علينا من قبل
الجميع حول مخاطره و كيف أنه السبيل المختصر للوصول إلى الشر. و [ انتبه لا تقول لحد
اسمك و لا وين ساكن ترى بعدين يمسكونك و يبهذلونك ]
. [ انتبهي من عيال الحرام، محد
منهم يبي لك الخير. كلهم يبون يوصلون لشي و خلاص ]
. قد نتفق جميعاً على أن هذه النصائح
و التحذيرات لامست الحقيقة حينها. و لكن، هل ما زالت هذه التحذيرات تربط بواقعنا اليوم ؟ أم
أن الوعي الذي يسود عدداً المستخدمين قد ارتقى إلى مراتب تزول معها التحذيرات ؟
هنا
سنختلف كثيراً.


كثير ممن أحب و أحترم من الشباب، أصدقاء و زملاء، يستخدمون " النت " بشكل يومي،
ضرورة و تسلية. مثلهم أنا أستخدمه. و طريقة استخدامي، كغالبيتنا، تختلف كثيراً بين حين و
آخر. من المبادئ التي أعيش عليها و رسمتها دستوراً لي لا أحيد عنه أبداً هي عدم إضافة
البنات في أي برنامج أستخدمه فيها. لا أعلم، حقاً، أهو دافع ديني أم أخلاقي ؟ أم هو شعور
بغيرة الأنثى التي سترتبط بي حين تعلم ؟

ما الذي يجعل تواصلي الغير مباشر يختلف في حكمه عن تواصلي المباشر معهن ؟ و ما هو
الخط الذي يفصل بين صوت المستفتية لشيخ على برنامج تلفزيون وصوت مكالمتها لشخص آخر ؟
هل حينما أجد الشيخ الفلاني و الذي أثق بالتزامه يسمح بإضافة النساء في حسابه في الـ
Facebook يشرع لي الاقتداء به ؟
و هل هو خطأ في أساسه لو فعلته ؟ أم أن الابتعاد عنه
هو مجرد التورع عن الشبهات. حتى لا أكون كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه !


في رحلتي طلبت مني إحدى المدرسات إضافتها على إيميلي لأخبرها عن الإسلام أكثر.
زودتها برابط يتحدث عن الإسلام و إيميل إحدى المراكز القادرة على إفادتها ثم اعتذرت منها
عن الإضافة بحجة أني لا أضيف النساء في إيميلي و ذلك لا دخل له بديني. تقبلت الوضع كما
توقعت، و ما برحت هذه الأسئلة تغزو فكري.

ما هي الحدود التي نقف عندها ؟ و هل تختلف هذه الحدود من حالة إلى أخرى ؟ و من يحددها،
عقولنا أم شيخ واعظ و طبيب نفساني حاذق ؟


بالطبع لي وجهة نظر لم تطرح في هذا الموضوع. حاولت الحيادية قدر المستطاع حتى أقرأ فكركم، و أستنير بآرائكم.

الصورة من تصوير http://www.flickr.com/photos/32305115n04/

2009/08/29

في فانكوفر .. ١١

أصبحت هذه السلسلة متعبة جداً. أرهقني ترتيبها و صياغتها كثيراً. مللتها كمللي من البقاء
هنا في أرض لا قريب لي فيها و لا حبيب. في الأيام القلائل القادمة أكمل أسبوعي الثامن و
الأخير. هنا، حيث المشاعر المتصنعة مرتسمة على كل محيى. هنا، حيث الشعور " الملخبط " و
الأحاسيس المبعثرة و الفوضوية التي لا تنتهي. كثيراً ما أخبر أمي أني أتمنى السفر إلى الخارج
لأطلع على ثقافات الشعوب المختلفة. و ما أن ترتفع الطائرة في السماء و أرى نقاط الضوء تبتعد
عني، أرى مدينتي الحبيبة تتلاشى خلف ركام السحاب، ما إن يحدث ذلك حتى أتحشرج في
مكاني شوقاً لها. شوقاً لحضنها الدافئ. شوقاً لشوارعها التي تختزن ذكريات الشغب و ملامح
الطيش. أشتاق رغم شهور الألم و معاناة السنين التي عاصرتها حتى اعتصرتني فيها. إلى هنا
أتوقف في سرد مشاعري عن حبيبتي – مدينتي – و أعود معكم لنهاية رحلتي مع هذه السلسلة.


أسبوعي السادس كان أسبوعاً " ثقيل طينه " ـ أعتقد أن الأسابيع كلها ثقال طينه منذ الأسبوع
الثاني ! ـ بسبب رحيل أحمد. أحمد هو زميلي من أصول يمنية. ذكرت هذه النقطة، الأصل،
لأتحدث عن أحبابي اليمنيين. حقيقة الأمر أني حتى هذا اليوم لم أجد سعودياً من أصول يمنية
إلا و كانت مكانته عظيمة في قلبي. لم تتجاوز معرفتي بأحد الأسبوع. أقصد بذلك الأيام التي
التقيت أحمد فيها و ليست منذ بداية معرفتي فيه، لأني عرفته من الأسبوع الثاني تقريباً. كان
نعم الزميل و الرفيق. مبتسم دائماً، واثق من نفسه و من لغته الإنجليزية رغم ركاكتها إلا أنه
أجرأ مني في الحديث بها. يخلط كثيراً بين مصطلحات سعودية عامية و يقولها بالإنجليزية.
صادق في تعابير وجهه. و مجاملاته مكشوفة دوماً ! كريم و لطيف و عاطفي جداً. و للحديث عن
هذه النقطة مكان في السطور القادمة.

بولينا كانت نقطة التقائي بأحمد. حيث كانت تسكن معه في بيت نفس العائلة. و هما يسكنان في
بداية شارعي تقاطع Fraser مع الشارع الـ 12 و أنا مع الـ 61. زرت بولينا في ليلة من الليالي
على اتفاق مني أنا و توني لتوديعها، لم يحضر توني. حين وصلت سألتني لو كان بإمكانها مناداة
أحمد لمجالستنا و قضاء السهرة معاً. رحبت بالفكرة على امتعاض لأني لم أكن متحمساً لمعرفة
المزيد من السعوديين. كانت تقول لي أنه لا يخرج من البيت أبداً و لا يحضر إلى المدرسة. أشفقت
على وضعه و لكني لم ألمه في ذلك حينما علمت أنه قضى ثمانية أشهر هنا من دون أي زيارة
لأهله خلالها ! في أول لقاء لي معه لم نتوقف عن الحديث أبداً و كأننا أصدقاء نعرف بعضنا منذ
زمن ! كان حديثاً غير متكلفاً من ناحيته و قليل الحذر من ناحيتي. أعجبت بشخصه و بساطته و
تواضعه، و تعجبت كثيراً حينما علمت قبل سفره بساعات في حديث عابر بيني و بينه أنه ينتمي
إلى أسرة غنية جداً. لم يظهر ذلك في أسلوبه و لا في كلامه و لا في أي شيء. كان يعتمد كثيراً
علي في شراء كل شيء، بدء بالأحذية و انتهاء بوجبات المطاعم. يثق بذوقي كثيراً، أحببته لذلك.

في الليالى الثلاث الأخيرة قبل سفره كان يسمر هو و عزيز عندي لمشاهدة إحدى أفلام
الآكشن التي لدي. لا يحب إلا الآكشن ! ثم انتهى به المطاف أن اشترى وصلة لينقل جميع
الأفلام لديه. في اليوم الأخير له في الأسبوع السادس لي ذهبنا في جولة على بعض شوارع
المدينة. تعرفت فيها على زميل سعودي جديد اسمه حسام. بعد تلك الرحلة عدنا لمشاهدة بعض
الأفلام في غرفته و عاد حسام إلى منزله. عزيز، و الذي يسكن مع أحمد، ذهب للنوم في غرفته.
قضيت أنا و أحمد ليلة وداعية جميلة كان يتحدث لي عن اشتياقه الكبير لأهله و أنا أكتب بإحدى
أقلامه على منديل و أنا أتخيل كلامه. غرفته الخضراء الصغيرة و بعض صناديق و شنطة، و
ميران يستخدمه لوزن العفش " وقفنا فوقه نشوف وزننا سوى كم ". قبل الفجر خرجت من منزله
على اتفاق منا أن يزورني قبل ساعات من رحلته و أن يكون تواصلنا عن طريق الماسنجر. عدت
لأودعه، حيث لا يمكننا الجزم بما سيحدث. و هل سيتمكن من المجيء أم لا ؟ و لكنه رفض قائلاً:
[ المعذرة يا فراس، بس ما أحب أودع أحد. ] تقول لي بولينا أنها لم تره في اليوم الذي سافرت
فيه و كانت تخشى أنه غاضب عليها لسبب تجهله، و لكن الحقيقة أنه لا يستطيع مواجهة لحظات
الوداع لرقة قلبه. كنت أسأله عن أجمل الأغاني بالنسبة له. و كان يتنهد كثيراً قبل الإجابة.
أستطيع الشعور بتلك العبرة المتعلقة في رأس حنجرة و هو يقول [ فراس شكلك تبينا نقلبها
صياح ؟ ] ثم يضحك. أخبرته عن قصيدة بكى لها جدي كثيراً و ما زال يبكي لسماعها حيث أنها
تحكي عن الشيب في كلمات رائعة على ألحان جنوبية مطلعها يقول:

الشيب شفته في المرايا و صديت *** ما كنت أصدق إن ذا الشيب فيّه !

حزن كثيراً على جدي و أخبرني أنه لا يلومه أبداً. أعتقد أنه أكثر الأشخاص الذين قابلتهم
في حياتي عاطفية !. سافر أحمد ولم يزرني. سافر و هو يحمل معه قدراً كبيراً من محبتي و
سعادتي.


في الأسبوع السابع غبت في أيامه أكثر مما حضرت لملل تملكني. في إحدى الأيام التي حضرت
فيها ذهبنا لزيارة جامعة الـ UBC و هي اختصار لـ University British Colombia.
استطعت معرفة سبب تفوقهم علمياً علينا. لم يهتموا بالمادة المطروحة فقط، بل قدموا كل الباقة
التي تعين الطالب على فهمها. بالإضافة إلى سبل الترفيه المتوفرة لإعادة شحن طاقة العلم مرة
أخرى. لأول مرة أرى جامعة توفر دار سينما لطلابها ! و محلات، و متاحف، و مسابح، و
صالات انترنت، و مقاهي، و حدائق تبهر الناظرين !


دخل رمضان علينا في الأسبوع الثامن، و كان يوم السبت هو أول أيام صيامنا. قبل ذلك كله
رسمت في ذهني مخططاً للتجهز لرمضان. قبل صلاة الجمعة قلت في نفسي أننا سنذهب
لتناول وجبة الغداء، ثم اللعب في ملعب الجمعة كالعادة. بعد ذلك نتوجه لشراء " أغراض "
رمضان من فيمتو و رقاق سمبوسة و لقمة القاضي. ثم نتفق على مكان نصلي فيه العشاء
و التراويح و لا مانع لو كانت غرفتي. أخبرنا الخطيب بعد صلاة الجمعة أنه سيكون هناك
إفطار صائم في مصلى الـ Downtown الذي لأول مرة أعلم عنه. و ستقاوم صلاة التراويح
فيه أيضاً. كان خبراً رائعاً قررت حينها أن أكون أحد المتبرعين في خدمة الصائمين. شعور
جميل، جد جميل، حينما تكون أنت في وجه هذا العمل الخيري تقدم الطعام لصفوف الصوام
و ابتساماتهم تكون بطاقة شكرك التي لا تقدر بثمن ! تعرفت في ذلك المصلى على مجموعة خيرة
من الناس. أثبتت الجموع أن الخير لا يتمثل في لحية و ثوب قصير. و إنما الخير هو خصلة
موطنها قلب صادق مسلم. روح المحبة و التآلف التي جمعتنا كانت كفيلة بربطنا في ذلك المكان.
مصلى، يملكه أفغاني تبرع به لنا و تبرع بإفطار الخمسة أيام الأول من رمضان و الذي يكلف
كل يوم فيه حدود السبعمائة دولار، يتسع لمئتي طالب. و سجادات مفروشة بطريقة جميلة. تمور
تبعث لنا من السعودية من أهالى الطلبة و أقاربهم و فاعلي خير. و شوربة، و سمبوسة جبنة و
لحم و خضار، و رز و دجاج، و فواكه، و سلطات، و عصيرات، و قهوة، و شاهي، و فيمتو.
تختلف الوجبات في كل يوم، الوجبات الرئيسية، و لكن القلوب التي تجتمع على محبة و ذكر الله
هي ذاتها القلوب.

في يومي الدراسي الأخير، أخذت علمي الكندي و مررت به على أصدقائي ليكتبوا عليه سطوراً
من الذكرى. لا أحب الذكرى و لكني سأجرب !



لمن أراد المشاركة و التبرع لإفطار الصائم في مصلانا يتواصل مع الأخ تركي السبيعي على
الرقم التالي : 7788893487




صور مختارة ( اضغط على الصورة للتكبير )



أحد المناظر يوم اتمشى مع احمد و عزيز



الساحة الداخلية للمعهد



صورة لمدخل الفصول و الكنب اللي نجلس عليه



شوارع فانكوفر



مطعم لازم تاكلون منه .. عليه برجر موب صاحي ! يحطون به بيض =)



لحظة غروب ..



منحوتة خشبية جنب المرفأ



كلاسي



محل بيع المعجنات و بجواره السينما في صالة طلبة جامعة الـ يو بي سي



مقاعد الاستراحة في ممرات الجامعة



صالة كمبيوترات و نت للي ما معه لاب توب



منظر خارجي للجامعة .. و هذا مبنى من المباني و جزء بسيط فقط



ممرات تزدان بالخضرة



إحدى الحدائق، لقيت وحدة تقرا فيها قلت والله ما تنلام يوم تنفتح نفسها للقرايه !



رايحين لمعرض المنحوتات مع مدرستنا



الطلاب المسلمين متجمعين في مصلى قرانفل، و ربي شوفتهم ترد الروح يذكروني بهلي



وجبة الافطار. الله يجزي كل من كان وراء هالعمل خير الجزاء و يكسبه الأجر



أحد الصايمين و هو مستعجل على رزقه.



الشباب يفطرون و يسولفون " بالعربي " !



بعد ما نفطر لازم نحلي .. دلع الحمد لله



سلطة .. و يالله من فضلك



الرز .. و الملاس بيد الشيخ " لا يوقف ! "



2009/08/24

في فانكوفر .. ١٠

لأنك في Vancouver ستعلم أن المستوى الأخلاقي هنا يصل إلى حد القمة. و لا أبالغ حينما
أقول أن أكثر كلمة تتلقطها أذنك هي Sorry. أرجع ذلك إلى أن Vancouver هي مدينة متعدة
الجنسيات. مختلطة الثقافات. فتجد حرص الجميع على احترام ثقافة و نظام و طريقة تفكير أي
شخص. خوفاً من الخروج من نطاق الأدب عاكساً بذلك صورة سيئة عن بلدك. إضافة إلى كوننا
دخلاء و ضيوف على دولة أخرى [ الضيف في حكم المضيف ]. علماً بأن الأجانب في فانكوفر
أكثر بكثير من الكنديين الأصل.

أذكر أني في أسبوعي الثاني خرجت من بيت زميلى في الساعة الحادي عشرة مساء. كنت أعتقد
جاهلاً أن الحافلات و القطارات تتوقف خدمتها في الساعة التاسعة، إثر معلومة خاطئة من زميل
“ يتفلسف " !. عدت سيراً مسافات الأربعة ساعات لم أوقف خلالها سيارة أجرة. كنت أظن
أيضاً أنه لا يمكنك ركوب سيارة أجرة إلا بعد تنسيق مسبق مع الشركة نفسها كما فعلت يوم
انتقالى إلى مسكني الجديد. في طريقي إلى المنزل توقفت عند موقف انتظار الحافلات. أثناء فترة
الراحة مر أمامي شخص " سكرآآآن " و بخطوات متمايلة " خبط " بعامود الإنارة. أمسكت
ضحكتي وأنا أنظر إليه بنظرة جادة. ابتسم إلي ثم قال: [ I'm sorry that had to do that].
انصدمت ! إلى هذه الدرجة وصل الإحترام لديهم !. تقول المعلمة أنكم ستلحظون شعباً خلوقاً.
و بالفعل لحظناه و عشناه حتى انعكس هذا الخلق علينا جميعاً فبدأنا نطبقه.


لأنك في Vancouver فستعلم أن الناس هنا تعيش بدون مكيفات. و بلا أدوات تبريد أو تدفئة.
ليلهم نسمة هواء عليلة. و نهارهم شمس لطيفة. و أشجار وارفة ظليلة.

في أسبوعي الثالث هنا شهدت مدينة Vancouver أعلى درجة حرارة في الساعة الخامسة
فجراً، بدرجة 33.8 C. محطمة بذلك أعلى درجة حرارة منذ عام 1960 و التي كانت 33.3 C
أذكر أني كنت في ذلك اليوم كنت أتصبب عرقاً و أنا أقف في الحافلة. كنت أنتظر المساء أملاً
بأن أجد تلك النسمة التي تعدل مزاجي. و لكنها كانت ليلة قيض ! لم أستطع النوم، حيث أني
لا أمتلك مروحة كبقية الزملاء الذين تقدم لهم العائلات مراوح. ذهبت إلى غرفة زميلي و فتحت
الباب الخارجي و وضعت مخدتي على الباب و نمت. في اليوم التالي قال لي زميلي أنه تمنى لو
نام مكاني على عتبة الباب من شدة الحر.


لأنك في Vancouver فستعلم أن المدينة هنا في سباق مع الزمن. ترمم الشوارع وتعيد تنظيمها
تزين الطرقات. و توزع الشعارات. لأنها و بكل بساطة ستحتظن الأولومبياد.

منذ يومي الأول هنا و شوارع Vancouver في سجالاً مع الوقت. يقومون بإعادة تشكيلها
لتتوافق مع آليات سير أسرع و خطط أروع. قاموا في هذه الأثناء بوضع اللمسات الأخيرة على
Sky Train متواجد في الـ Downtown. و تم افتتاحه في الأسبوع الماضي حيث اصطف
المئات في صفوف طويلة جداً منتظرين أدوارهم في ركوبه و تجربته في اليوم الأول ! لكل شخص
اهتماماته. و ركوبه في اليوم الأول لم يكن من اهتماماتي. ركبته في اليوم الثاني " من غير
صفصفه ”
.


لأنك في Vancouver ستلحظ أن الغالبية العظمى من المقيمين فيها هم من شعوب آسيا
الشرقية " الفطس ". ستلحظ ندرة وجود الأطفال في الـ Downtown أو في كثير من
الطرقات خارجها. لن تتعجب كثيراً حينما تشاهد رجلاً يمشي من غير " فنيلة " تغطي صدره.
و لكنك ستتعجب من كثرة الرجال الذي يمتلكون أجساداً رياضية مثالية !. هنا ستعلم أن
الشعب المكسيكي هم شعب إجتماعي بسيط. سهل التعامل و واضح التصرف.


لأنك في Vancouver ستعلم أن للوطية و السحاقيات حقوق. ستخبرك الأيام " أو أخوياك "
بتواجد شارع يخصهم. ستتعلم أن معنى العلم الملون بألوان قوس الرحمة على أي محل تعني
أنه محل يناصر الشواذ ! لن تتفاجأ أبداً بوجود احتفالية في إحدى الأسابيع قضيتها عن الشواذ.
و من يناهض هذه الفكرة يعتبر متعصباً متشدداً متزمتاً. لم أقبل أبداً النقاش في هذه الفكرة و
قلتها صراحة في عدة نقاشات أنهم شواذ يمتلكون فطرة منكوسة لا مبرر لها !


لأنك في Vancouver ستعيش احتفاليات مختلفة " لها أول و ما لها تالي ". احتفالية شواذ.
حيث يسير الشواذ بأزياء مقززة في صفوف في شارع دايفي. احتفالية الشموع، حيث يتجمع
الناس في إحدى الشوارع المتفق عليها و تغلق الأنوار و يمشون حاملين شمعة في أياديهم.
احتفالية العراة. و هي باختصار، سير الناس عراة في إحدى شوارع فانكوفر. عالم مهبل !


لأنك في Vancouver ستجرب جميع أصناف المأكولات. لتذوب مع اللحمة اليونانية. و تموت
متعة مع الشوربة الصينية. و تتلذذ بلذغة الإيدامات الهندية. و تتهنى بأشهى الحلويات الكندية.
و تتحرق شوقاً لطبخ أمك !

2009/08/17

في فانكوفر .. ٩

في الأسبوع الثالث بدأت مسابقة الـ FireWorks التي تقام كل صيف. فازت كندافي العام
الماضي، و أعزو ذلك إلى نسبة تصويت الكنديين لبلدهم. في هذه السنة شاركت أربعة دول.
كندا، أفريقيا الجنوبية، بريطانيا، و الصين. دارت أحداث المسابقة في خميس و سبت أسبوعين
متتاليين. كانت كندا هي الأولى في عرضها. كان كل عرض يبدأ في الساعة التاسعة و يدوم
نصف ساعة. في المدرسة أخبرونا أنه من الأفضل الإسراع إلى مكان الحدث، English Bay،
حيث ستبدأ الجموع بالتوافد هناك في ساعات مبكرة من الحدث. انطلقت مع صديقي فور انتهاء
الدوام في الساعة الخامسة و تواجدنا على شاطئ الموقع. English Bay هو أحد شواطئ
فانكوفر الجميلة المحاذي لـ Stanley Park. تقف في وسط المياه أمامنا سفينة تحمل الألعاب
النارية فيها. انتظرنا حتى الساعة التاسعة مساء تحت سطوة الشمس الحارقة. و بدأ العرض.
كان جميلاً جداً، و لكنه لم يتسلزم ذلك الحضور المبكر ! كان بإمكاننا الحضور قبل العرض
بساعة و الحصول على مكان ملائم.

في الساعة الأولى من حضورنا كان المكان خالياً إلا من قليل من المتشمسين. و بدأت الأعداد
بالتزايد مع كل ساعة. مجموعة تلعب كرة الطائرة في الزاوية اليسرى من مكاننا. و مجموعة
أخرى تلعب بالفريزبي في الزاوية اليمنى. و أخرى تتقاذف كرة القدم الأمريكية أمامنا. كريمات
للحماية من أشعة الشمس. و مناشف " منطولة " على الأرض " يتسدحون " عليها. عصائر، بيرة،
Hot Dog، دونات، و بعض يقرأ بعض كتب. استندنا على جذع شجرة ألقى، كبقية جذوع
الأشجار الملقاة، بعناية و تنظيم لتكون متكأ.

تعجبت من روعة الألعاب النارية في عرض كندا. و لكن عرض جنوب إفريقيا كان الأروع في
نظري. كانت أسطورة لن تنسى أبداً ! كان موقفاً طويلاً نقش لفترة أطول. كموقف قديم لا زلت
أذكره و لا أعلم لماذا ! حينما كنت على شاطئ الخبر و أهدتني خالتي وردة في أحد أعياد
الأضحى. لم تكن الوردة الأولى المهادة لي، و لم تكن الهدية الأولى التي تهدى من غير ميعاد
و سبب. و لكنها حتماً تحمل طابعاً لم أألفه من قبل. أذكر حينها الساعات الطوال التي جلست
فيها محدقاً في أمواج تلعب بقدمي و صوتها الهادي يشنف أذني بنغم لم أستلذه قط مثل ذلك
اليوم. تمنيت حينها لو تُرجمتْ أحاسيسي شعراً خالداً لا يمحى من صفحة الذكرى. و لكنها أبت
إلا المكوث في جنباتي من دون أيما سبب للتميز !

في يوم عرض جنوب أفريقيا، كان الجو ممطراً، ممطراً بشدة. قررت حينها البقاء مع " لاب توبي "
في غرفتي أتسامر مع أفلامي. و لكن حب التجربة فيني أرغمني على الخروج. أحب النظافة و
الترتيب كثيراً، لذلك كنت أخشى من توسخ ملابسي و ابتلالها. عذر أقبح من ذنب لم أتقبله.
لبست " جنزي "، و كان قراراً خاطئاً، و جزمتي البيضاء، قراراً آخر خاطئ، و توجهت إلى
الشاطئ. أمام المنزل وقفت في انتظار الحافلة بـ " جاكيتي ” الأسود أضع قبعته على رأسي
لتقيني من المطر ! ابتسمت لفكرة في رأسي. خلعت القبعة و جلست أنتظر الحافلة و المطر يلعب
بشعري. شعور جميل أن تتخطى الحدود. أن تكسر الأنظمة. أن تتجاوز الخطوط التي ألفت
اتباعها. التهور الذي كنت أعيشه دهراً و نسيته بعد حين، عدت له في تلك الليلة. كعصفور يرفرف
حراً في سماء لا تنتهي شعرت. وصلت الحافلة. دخلت. مضينا ركاباً تلبسهم المياه كما يلبسونها.
في المحطة الأخيرة نزلنا متوجهين إلى الشاطئ. مسافة الساعة تفصلنا عنه. أفواجاً كالحجاج
نسير. البعض يرفع أطرف جنزه، و آخرون يلعبون بالماء فرحاً. كثير يمشون في " برستيج "
مذل. “ برستيج " يحرمهم من حرية الحياة. من المتعة التي لولاها لما استطعنا العيش.

وصلت قبل العرض بعشر دقائق. أقف بجانب عمود الإضاءة عند رأس الدرج. بدأ العرض.
أذكر حينها تلك الدقائق السحرية التي عشتها بين بروق و رعود و ألعاب نارية و موسيقى. كان
مزيجاً متناغماً لم يخطط له. قطرات المطر التي تصافح المياه بكل حرارة. برق يشق عباب السماء
بكل جراء. و رعد يزيد من ضجة الموسيقى. ألعاب نارية بألوان أجمل من الخيال. مظلات تغطى
وجه الشاطئ و كاميرات لا تتوقف عن التصوير. دقائق شاعرية. دقائق لا تنسى، و كيف تنسى ؟!!


في نفس الأسبوع، أيضا، انتقلت إلى المستوى السادس في مدرستي. Martha هي مدرستي.
قالتلي بولينا أنها مدرسة مجنونة. ترفع صوتها فجأة و تركض فجأة و كل شي عندها بنظام
الفجأة ! و رغم ذلك كله إلا أن حصتها ممتعة و جميلة.
في لوحة الطلبات كتبت طلب تغيير المدرسة حتى قبل اللقاء بها. بعد انتهاء الحصة الأولى ذهبت
و شطبت الطلب. لا أعلم لماذا أقع أحياناً في اعتماد قرارات تعكس أذواق أناس آخرون !!
أحببت حصصها و شخصها المفاجئ. كبيرة في السن كانت. صغيرة في الروح و المرح. عينان
ناعستان لا تترجم واقع تصرفاتها إطلاقاً. قضيت في فصلها ثلاثة أسابيع انتقلت بعدها إلى
المستوى الأخير. كانت من أجمل أسابيعي. تقول لي أن أجيد اللغة و لكن الممارسة تنقصني. أعلم
ذلك جيداً و لكن ما ينقصني حقاً هو الثقة و الجرأة التي لم تخني قبل ذلك قط !

درست معها أسبوعاً عن الفن و آخر عن الحيوانات و أخيراً قواعد اللغة الإنجليزية التي أحبها
و أجيدها. في أسبوع الفن عرضت لنا فيلماً وثائقياً عن رسامة أثارة جدلاً قبل أربعة سنوات في
إمريكا تسمى Marla. تبلغ من العمر أربع سنوات. و ترسم لوحات تشكيلية رائعة. يضحك أحد
المعلقين في الفيلم الوثائقي قائلاً: [ و هذا أكبر دليل على أن الفن التشكيلي مجرد فشل و لعب
بالفرشاة ]
.

أعجبت بالفكرة. و لأني أحب الرسم و أميل إلى الرسم التشكيلي الذي من خلاله أستطيع
استخراج مكنونات نفسي الدفينة، مشاهداً لا رساماً طلبت من مارثا أن تقرضني " السيدي "
لليلة لأعيد مشاهدته و الإطلاع على المقاطع التي لم تعرضها لنا. ذهبت في اليوم التالي إلى
معرض فانكوفر للفن. كان يعرض حينها الفن الهولندي الذي لم يعجبني فيه إلا رسوم
" البورتريه " و دقتها. و في الدور الثالث كان دوراً خاصاً بالرسام الكندي Jack Shadbolt.
و هو رسام تشكيلي تتلمذ على يدي الرسامة الكندية التشكيلية Emily Carr. و كان أحد
الأمثلة التي تفوق الطالب على معلمه. يمنع التصوير في المعرض و لكن إعجابي بالرسومات كان
أكبر من اتباع التعليمات. ثم ذهبت إلى الدور الرابع لأتفاجأ بصور " مجنووون " يدعى
Andreas Gursky. مصور خرج عن حدود المعقول بصورة التي عنت بالتنظيم الفوضوي من
وجهة نظري التعبيرية. و يمكنكم الإطلاع على صورة التي لم أتمكن من تصويرها عن طريق
البحث بواسطة اسمه في العم Google.


الأسبوعان الرابع و الخامس لم يكونا كسابقيهم من الأسابيع. رغم وجود بعض الفعاليات إلا
أنها لم تكن بكثرة الأسابيع الأول. ذهبت في الأسبوع الرابع لقراءة كتاب " حياة في الإدارة "
لغازي القصيبي، الكتاب الذي أهداه أبو يارا لي، في الحديقة المطلة على الميناء بجانب البلورة
العلمية. و في الأسبوع ذاته، خرجت مع أصدقائي السعوديين للعب كرة القدم يوم الجمعة و التي
أصبحت عادة عصر كل جمعة. نبدأ الساعة الخامسة و ننتهي قرب التاسعة ! يتجمع معظم
الطلبة السعوديون هناك و غير السعوديين من العرب و العجم. ثم نذهب بعدها لتناول العشاء معاً
في مطعم مختلف كل أسبوع. تناول وجبة العشاء في الأسبوع الرابع في مطعم Vera's المشهور
بـ " هامبرجراته ". كانت وجبة متخمة ولكن لذيذة. ذهبنا بعدها للعرض البريطاني.

في الأسبوع الخامس ذهبت مع أصدقائي السعوديين الأربعة إلى الـ Play Land، مدينة الملاهي
المشهورة في فانكوفر. لعبنا فيها جميع الألعاب المرعبة. أحد أصدقائي، و الذي يبلغ من العمر
34 سنة، ركب معنا قطار الموت دون شعور منه في غمرة أسئلته ل يعن قواعد اللغة الإنجليزية.
قاطعته و نحن في الصعود إلى القمة قبل النزول فجأة قائلاً: [ يبو .. الحين بنطيح ! ] حينها
بدأ بالصراخ و التلعين متشبثاً بي. بينه و بين الدموع " عطسة " ! ضحكنا حد الدموع لحظة
رؤيتنا لوجهه في الصور التي ألتقطت لنا.

إلى هنا أتوقف، حتى لا تملوا !




صور مختارة (اضغط على الصورة للتكبير)




الأفواج متجهين للألعاب النارية.


قبل ساعة من بداية العرض في الـ English Bay


أحد المنتمين لدولة الميروانا، نوع من أنواع المخدرات !


قبيل بداية العرض لحظات الغروب


صورة لعرض كندا


الصورة تتكلم


بعض رسومات Shatbold


تابع


تابع


البلورة العلمية المطلة على الميناء.


صورة للإستاد المواجه للبلورة.


ملعب كل جمعة



مطعم Vera's


تابع، وجبتي.


الـ Play Land و تظهر لعبة قطار الموت يميناً


تابع، لحظة صعود القطار


اللعبة اللي ختمنا بها يومنا في الملاهي.