2012/12/10

لقاء وزير العمل

لقاء وزير العمل





ملحوظة: استنكر بعض المغردين على تويتر بادرة وزير العمل لدعوة بعض الشباب من أصحاب الرأي في تويتر زعماً منهم أنها عملية شراء أصوات و ضمهم في ركنه حتى يدعم بهم قراره، و هذا تحليل خاطئ لعدة أسباب منها: هذه الدعوة هي لبيان وجهة النظر لهؤلاء الأشخاص و هم بأمانتهم سينقلون الصورة دون توجيه أو تحكم من قبل الوزارة. كما أن هذه الدعوة هي بمثابة محفز لبقية المسؤولين أن يشركوا الشباب في القرارات و الحوار حولها بشكل أوسع في الأيام القادمة.


 لحظة البداية مع الوزير


بدأ اللقاء في تمام الساعة ٧:٤٠م في قاعة باريس بفندق الفور سيزون، حيث بدأ وزير العمل عادل فقيه حديثه مرحباً بالحاضرين و شاكراً لهم تجاوبهم، ثم افتتح كلامه قائلاً: أنا في هذا اللقاء لا أريد أن توافقوني رأيي و لكن أن تفهموا وجهة نظري و قد تقتنعوا بها. ثم استمر حديثه على مدى ٥٠ دقيقة تقريباً بشرح مدعم بشرائح الباوربوينت حيث تحدث من خلالها عن ما قدمه "حافز" و ما عملت "نطاقات" لعمله من سعودة الوظائف و عرض النتائج التي حققتاهما. 

تحدث بعد ذلك في إحدى محاوره عن الوظائف التي لا يرغب الموظف السعودي العمل فيها، مثل عامل النظافة و عامل البناء و غيره، لذا قامت الوزارة، و تقوم في وقتها الحالي، بابتكار وظائف جديدة و بأفكار إبداعية لإحلال موظف سعودي مكان الموظف الأجنبي. مثالاً على ذلك:

ـ في قسم المقاولات، عمال الخرسانات التي يقوم بخلط الخرسانة و يقوم عليها عمال أجانب نستطيع أن نرغم المشتري من أخذ الخرسانة من الشركة جاهزة و يقوم بخلطها آلياً موظفاً سعودياً في الشركة ذاتها.
ـ في قسم التصنيع، قمنا بالاستغناء عن ٢٠٠ عامل أجنبي يعمل في سلك التصنيع بفك الكراتين و تغليفها و توظيف ١٠ موظفين مكانهم خريجين للمعهد التقني و غيره حيث قمنا بإحضار آلات تقوم بالعملية كاملة و يقوم البعض منهم بالتحكم بها و الآخر بصيانتها.
ـ قسم النظافة، في الوضع الحالي لا نستطيع توظيف سعوديين، و لكن ماذا لو عيّنا مراقبين سعوديين للنظافة في الأماكن العامة برواتب معقولة يقومون برصد المخالفات و تقييدها على المخالفين، هكذا تقل كمية القاذورات و سنحتاج إلى عدد أقل من العاملين في النظافة و نوفر لهم الأجهزة المناسبة و برواتب معقولة.

و إغلاقاً لهذه النقطة قال: يجب أن يكون لدينا إبداع في حلول الوظائف، و هذا ما نعمل عليه الآن.

بعض الشرائح التي قام الوزير بعرضها


أكمل بعد ذلك حديثه من خلال شرائح العرض عن الخطط قصيرة المدى للحلول المطروحة للسعودة. بعد ذلك أتيح المجال للأسئلة. طرحت على الوزير الآتي:

يقول غازي القصيبي ـ رحمه الله ـ : “نحن نحاول أن نوظف شخصاً لا يريد العمل عند رجل أعمال لا يريد توظيفه". السؤال هنا: لماذا العاطل لا يريد الوظيفة؟ هل السبب عدم ملائمة الوظيفة؟ و لماذا لا يريد رجل الأعمال توظيفه؟ هل السبب عدم انضباط الموظف و عدم ملائمته للوظيفه و تكلفته العالية؟

المشكلة التي يواجهها السوق حالياً: 
ـ عدم انضباط الموظفين و تنقلهم بين الوظائف. 
ـ عدم الرغبة في العمل في الوظائف التي لا تتناسب مع شهاداتهم كموظف استقبال أو عامل نظافة و غيره.
ـ السعودة الوهمية.
ـ تجار الرخص المتسترين و أصحاب المنح.
ـ عدم وجود المهارة عند بعض الموظفين ليقوم أصحاب العمل بتوظيفهم.

ثم عرّجت على آثار القرار السلبية و هي:
ـ هروب العمالة للعمل عند من يعرض راتباً أعلى.
ـ ارتفاع أجور العمالة المنزلية من تقريباً ٨٠٠ ريال إلى ٢٤٠٠ ريال تقريباً.
ـ لا بديل للعمالة المنزلية إلا بالتواصل مع وسيط يوجد لك عامل بمبلغ كبير.
ـ ارتفاع الأسعار في كثير من الجهات.

اقترحت أخيراً حلاً جزئياً، من وجهة نظري، و هو:
ـ تعزيز ثقافة العمل في الحرف و حذف كلمة "عيب" من قائمة الكلمات المصاحبة للعمل، و هذه المسؤولة يتشارك مع وزارة العمل فيها وزارتي التربية و التعليم و الإعلام.
ـ قانون يضبط تسيب العمالة و يحفظ حق رجل الأعمال و رب الأسرة للعمالة المنزلية.
ـ إعفاء الشركات الصغيرة من هذا القرار حتى تتمكن من الوقوف على أقدامها.

كان جواب الوزير كالآتي:

ـ التضخم الصادر من القرار لا يتجاوز الواحد من الألف.
ـ أنا لا أتكلم عن الوقت الذي سبق وقتي في الوزارة، و لكن من حين استلامي حتى يومنا هذا لم يحصل أحد على منحة رخص أو رخصة بصفة غير شرعية.
ـ بالنسبة للعمالة المنزلية و التهرب، تقوم وزارة العمل بدراسة بوليصة تأمين ستطرحها في السوق قريباً تكلف الكفيل ريالاً واحداً يومياً تقريباً و توفر له الخدمات التالية:
١ـ يعوض تكلفة الاستقدام.
٢ـ البحث عن العمالة حتى إيجادها و إعادتها لكفيلها.
٣ـ التعامل مع حالة الوفاة من تغسيل و تكفين و غيره.
٤ـ تغطية التكاليف الصحية لعدد من الأمراض.
ـ بالنسبة لعدم انضباط بعض الموظفين الجدد في العمل فقال: تقوم الوزارة حالياً أيضاً بدراسة مشروع نطاقات الأفراد و الذي سنطرحه قريباً و الذي من خلاله سيكون تصنيف الموظفين من ناحية الانضباط و يعطون الألوان الخضراء و الصفراء و الحمراء بغرار نطاق الشركات. و المخالفين ستكون هناك عدة عقوبات منها:
١ـ يمنع من دعم صندوق الموارد البشرية.
٢ـ محاسبته من قبل الوزارة و قد يصل لمنعه من العمل.
ـ عدم توفر المهارة أجاب الوزير أن هذا جزء من المسؤولية التي تقع على عاتق رجل الأعمال أن يقوم بتوظيف العاطل و تدريبه حتى يحصل على المهارة التي يحتاجها للعمل.

تلا ذلك عدد من أسئلة الحاضرين الذين قاموا بطرحها بشكل صريح و صادق اتضح على الغالبية عدم استقبال هذا القرار بشكل إيجابي و امتعاضهم من نتائجه، و البعض الآخر أعجب به، الجميل أن في كلا الجانبين تجاوب معهم الوزير بشكل جميل و بابتسامة و تقبل كل الأسئلة و بكل صراحة و رحابة صدر. و قال أيضاً: قد يُغضب القرار في الوقت الحالي البعض، و لكن الآثار المترتبة عليه على المدى البعيد ستفيد الجميع بإذن الله.
 


الوزير لحظة استماعه لإحدى الأسئلة

لفتات جميلة:ـ حينما تمت الإشارة من قبل أحد الحاضرين للوزير السابق غازي القصيبي ـ رحمه الله ـ و بعض قراراته قال الوزير: أنا لا أريد أن أتحدث عن قرارات غازي القصيبي رحمه الله لأنه من السهل أن تنتقد الميت، هو ليس موجوداً ليدافع عن نفسه.
ـ حينما تمت الإشارة لمعارضة وزير التجارة و الصناعة، توفيق الربيعة، للقرار الصادر من وزارة العمل قال الوزير أنه تواصل معه هاتفياً و أنكر ذلك مستغرباً و قال: مثل هذه المقولة لا يرد عليها أساساً، كيف أعترض على قرار صادر من المجلس الوزاري و أنا عضو فيه؟!

اللقاء بشكل عام كان جميلاً، و كان تجاوب الوزير مع كل الحاضرين رائعاً، البسمة لا تفارقه. ولكن! تمنيت لو تواجد معنا أقطاب المعارضين لهذا القرار حتى يناقشوه بشكل متبحر فيقتنع أحد الطرفين الآخر لأن ما سمعناه كله كان يتحدث عن المعوقات و الإنجازات لبرامج الوزارة الأخرى كـ حافز و نطاقات، أما شرحه للقرار، أسبابه و العواقب التي نتجت عنه، فلم يكن واضحاً تماماً.

اللقاء استمر من ٧:٤٠ م حتى ١٠:٣٠م ثم انتقلنا إلى العشاء.

 جانب من الحضور




الخلاصة: 
 كان كلاماً جميلاً طويلاً و لكن مشتتاً للانتباه، تكلم كثيراً عن إنجازات وزارة العمل و العوائق التي واجهتها و عن "حافز" و "نطاقات" و النجاحات التي حققاها، و حينما وصلنا إلى النهاية عرّج على قرار الـ ٢٤٠٠ ريال تعريجاً سريعاً كأنه خلاصة للحديث الطويل الذي يسبقه، و ما زال السؤال الذي كنت أنتظر إجابته: قرار زيادة الـ ٢٤٠٠ ريال ما هو المأمول منها؟ و ما هو الواقع؟ و كيف يكون التضخم أقل من ١ من الألف و نحن نشاهد عكس ذلك. سؤال لم يجب عليه في نظري بشكل واضح. و إن أجاب فلم أفهم جوابه. كان لقاء لتوضيح القرار و للإجابة على التساؤلات، و ليس لقاء يخرج فيه بالتعديلات.

2012/10/08

أبو أريج

أبو أريج

 


تساءلت يوماً في إحدى مواقع التواصل الاجتماعي عن مقولة: "كل فتاة بأبيها معجبة". هل هي صحيحة؟ أم أنها مجرد مقولة؟ و هل حقاً تريد الفتاة أن تتزوج رجلاً كأبيها؟! اعتقدت أن المقولة أبعد ما تكون عن الصحة، فكل فتاة في نظري تريد أن تخرج من بيتها إلى عش الزوجية مع رجل أشجع و أكرم و ألطف و أنبل و أفضل و أجمل، خُلُقاً و خَلْقاً، من كل الرجال! حتى وصلتني هذه الرسالة من إحداهن تقول:
في ليلة البارحة تعجبت أخي فراس من مقولة: “كل فتاة بأبيها معجبة". و كيف لفتاة أن تتمنى الارتباط برجل يشبه أباها؟ و أنا هنا أتفهم استغرابك و تعجبك، كونك رجلاً تنظر للأمور بمنظور الرجال فقط، و لكن الأمور تختلف كثيراً لدينا، لأننا نفسر الأمور بطريقة مختلفة عنكم، فكما تهمكم الصورة الكاملة للمواقف، فالتفاصيل الصغيرة لدينا هي الأهم. نعم، أريد الارتباط برجل يشبه أبي شكلاً و خلقاً، فلم أرَ في الوجود رجلاً مثله!

تزوج أبي أمي و هي في العشرين من عمرها، و قبل ثلاث سنوات احتفلت أنا و إخوتي معهما بمرور عشرين سنة على زواجهما، و إلى هذه اللحظة يا أخي العزيز ينظر أبي إلى أمي نظرته لها في بدايات زواجهما. أبي يحب أمي كثيراً حباً لا يخفيه عنا. يقف في صفها في كل المواقف حتى التي يعلم يقيناً أنها مخطئة فيها. يتعامل معها كحبيبة، و صديقة، و زوجة، و أم لأطفاله، و أب يحميها من كل شيء.

التفاصيل الصغيرة يا فراس، التفاصيل الصغيرة هي التي تعنينا!

حينما نجتمع حول التلفاز لمشاهدة إحدى البرامج يحرص دوماً أن تكون أمي بجانبه، يلعب بخصلات شعرها، و يستمع إلى تعليقاتها حول البرنامج، و يمسك بيدها يتحسس أصابعها. كل هذه الأمور التي أراها تكون كتصريح لنا: أنا أحب أمكم! و هي ملاكي.

التفاصيل الصغيرة!

يحرص أبي كثيراً على مفاجأة أمي دوماً بأي شيء تحبه، فمرة عاد إلى المنزل حاملاً في يده هدية لأمي، تفاجأت أمي حينما أخرجت الهدية من الكيس بأنها وجبة من أول مطعم تناولت فيه الطعام مع أبي بعد زواجهما! بكت أمي دموع الفرح لأنها اعتقدت أن المطعم أغلق من سنين و أنها لم تتوقع مثل هذه الهدية يوماً. كان وجه أبي متلألئً من فرحة أمي بالهدية. لا أزال أذكر تفاصيل تلك الليلة، دموع أمي، ملامح السعادة على محيا أبي، و الأجواء السعيدة التي حلقت فيها روحي.

التفاصيل الصغيرة!

أبي يا فراس هو شخصية معروفة في البلد، يستطيع تحريك الرجال بكلمة، فهو الآمر الناهي في مقر عمله، و من له اليد العليا في كل شيء، و مع ذلك كله فهو الذي يطبب أمي عند مرضها، و يولي اهتماماً أكبر بالجلوس معنا على الخروج مع أصدقائه. حتى أنه كثيراً ما اعتذر منهم أن يزوروه في بيته لأن أمي لا تشعر بصحة كافية لاستقبال الضيوف. هو يهتم كثيراً بها!

ما زال اسم أمي في جواله "حبيبتي" و لها نغمتها الخاصة بها. يحمل إليها الورود في كل مناسبة، و غير مناسبة. لا يحب منادتها بـ "أم خالد"، و هو أكبر إخوتي، بل باسمها. يغار عليها كثيراً، و يعلم مدى غيرتها عليه! عند ظهور إحدى الممثلات على الشاشة تقوم أمي بالتعليق على جمالها لاستدراجه، فيكون ذكياً إلى الحد الذي يرضي أنوثتها، هم دوماً تماثيل في نظره و هي الأنثى الحقيقية.

التفاصيل الصغيرة!

أبي هو شخص لا يقدم شيئاً على عائلته، يكون معنا في كل المناسبات، و لا ينسى مناسباتنا إلا نادراً، و إذا نسي يوماً يقوم بتعويضنا بمفاجآت أجمل. حينما كبرت و أصبحت في سن المراهقة جلس أبي يتحدث إلي عن حياته، كيف كان و إلاما أصبح، تحدث عن كل شيء و عن تعلقه بابنة جاره التي كان ينوي الزواج بها لولا حادث مرير أودى بحياتها، أخبرني أن الله عوضه بملاك هي أمي. كانت قصته يا فراس نبراساً للحب في عيني، و لم أزل حتى هذه اللحظة أنتظر زوجاً مثل أبي!

أبي يا فراس ليس بطلاً متفرداً عن بقية الآباء، أبي هو رجل كامل في ناظري ابنته، تحبه بكل ما في قلبها من ذرات حب، تحب لطفه و حبه و تعامله مع عائلته، حكمته و عدله و إيثاره و تسامحه. أنا لا أريد رجلاً يشتري قلبي بماله، و لكني أريد رجلاً يأسر قلبي بحبه و تعامله و تميزه. نعم أنا معجبة بأبي، و كل فتاة بأبيها معجبة.


أختك/ أريج

2012/09/07

أول يوم جامعة

أول يوم جامعة






 


تذكر هذه الكلمات جيداً: حياتك قبل الجامعة لن تكون هي ذاتها حياتك بعد الجامعة، ستتغير كثيراً !
هذه المقولة صحيحة بنسبة كبيرة جداً، إلا إذا لم تقم بأداء شيء في الجامعة، سوى حضور المحاضرات.


قبل الجامعة:
 
السؤال الأكثر إلحاحاً و الذي يتراود لأذهان جميع الطلبة: ما هو التخصص الذي يناسبني؟ نسبة كبيرة من الطلبة لا يعرف الإجابة لهذا السؤال، و لا يلام على ذلك حقيقة. بعد تخرجي من الثانوية و قد حصلت على معدل مرتفع فيها و في القياس أيضاً قررت دخول الطب، ليس محبة في التخصص و إنما لأن والدي و أخي الذي يكبرني قد سلكوا هذا المسلك قبلي و أصبحوا أطباء. فقررت ألا أكون أقل منهم. و بعد ٣ سنوات أدركت أن التخصص غير مناسب لي! لذلك قمت بالتحويل لتخصصي الحالي. و لأنني لن أتمكن من مساعدتك في تحديد تخصصك، ليس في الوقت الحالي على أقل تقدير، فإنني سأقوم بتوضيح بعض المؤشرات التي إن صادفتها في حياتك الجامعية فإنها لا تستلزم أن يكون تخصصك غير مناسب لك:

ـ إذا واجهتك صعوبة في بعض مواد التخصص لا تتوقع أن هذا مؤشر كافٍ بأن تخصصك لا يناسبك، فكل التخصصات تحتوي على مواد تصعب على الجميع.
ـ إذا لم تجد الحماسة الكافية للدراسة فلا تربط ذلك بعدم توافق ميولك مع تخصصك، فقد يكون السبب هو ضغط الدراسة عليك فقط.
ـ إذا لاحظت تفوق بعض زملائك عليك في بعض المواد فقد تكون قدراتهم أفضل منك في نواحي، و عليك اكتشاف النواحي التي تتفوق عليهم بها لتتساووا في تفوقكم الدراسي.
ـ صعوبة الاستيقاظ من النوم و كرهك للجامعة ستجده في أغلب التخصصات، حدوث هذا الشيء معك طبيعي، ستتأقلم عليه مع الوقت.

ذهبت مع أحد أصدقائي قبل عدة سنوات لحفل تخرجه الجامعي، و هو أحد طلبة الحاسب الآلي، كان يقول لي في الطريق إلى الحفل: فراس، لو بيدي الحين أسحب ملفي و أحول للطب كان حولت. بس قدر الله و ما شاء فعل! ستتوقع الآن أن معدله سيء إلى الدرجة التي لا تسمح له بالتوظيف؟ على النقيض تماماً، كان صديقي الأول على دفعته! و هو الآن يعمل في وظيفة أحلامه، و لا زلنا نضحك على كلامه تلك الليلة.

الضغوط قد تسبب لك تشوش في الحكم، فلا تبني عليها قرارات مصيرية لحياتك. 


أثناء الجامعة:
 
في يومك الجامعي الأول ستلاحظ كمية الاختلافات بين مدرستك سابقاً و بين جامعتك حالياً. ستنتقل:
١ـ من مفهوم الحصص إلى مفهوم الساعات.
٢ـ من مفهوم الفصل إلى مفهوم تنقلك بين القاعات.
٣ـ من مفهوم المدرسين و المدير إلى مفهوم الدكاترة و المعيدين و العمداء.
٤ـ من مفهوم "حنا حريصين عليك" إلى مفهوم "كل واحد مسؤول عن نفسه".


أولاً: مفهوم الساعات:
حينما تقرأ جدولك الجامعي لأول مرة ستتفاجأ بمفهوم الساعات الجديد عليك. المقصود فيه هو عدد الساعات الأسبوعية التي ستدرسها. و هنا نقطة مهمة: لا تدرس جميع موادك بجهد متساوٍ، احرص على المواد التي تحمل ساعات أكثر، ثم التي تليها. لا يعني هذا أن تهمل البقية و لكن أن توزع الجهد بالشكل الصحيح.

ثانياً: مفهوم التنقل بين القاعات:
بعض الجامعات تخفف على طلبة السنوات التحضيرية عبء التنقل بين القاعات، فيكون الفصل الدراسي الأول بأكمله في قاعة واحدة. و لكن هذه الحالة لن تستمر معك طويلاً. الأصل في الجامعة أن الدكتور ثابت في قاعات محددة و أنت الذي تنتقل إليه وقت المحاضرة.

ثالثاً: مفهوم الدكتور و المعيد و العميد:
لا تستح أبداً من قول أستاذ، لأنك مع الوقت ستتعود على كلمة دكتور. و هذه الكلمة سيعترض عليها بعض المعيدين لأنهم ليسوا دكاترة بعد. و لكن من الجميل أن تناديهم بدكتور احتراماً لهم. أما العميد فلكل كلية عميد وهو صاحب أعلى مرتبة في الكلية ـ على حد علمي ـ و إليه يرجع الأمر كله بعد الله في شؤون كليته. لذا، إذا واجهت أي مشكلة فعليك أن تمر بالسلم الطويل قبل ملاقاته لأن الحل في العادة في إحدى عتابات السلم.

رابعاً: مفهوم كل واحد مسؤول عن نفسه:
هذا المفهوم إن لم تتعلمه بالطريقة السهلة من هذا المقال فحتماً ستتعلمه بالطريقة الصعبة، في الجامعة. تريد أن تهرب من المحاضرة؟ أهرب! تريد أن تتغيب عن الجامعة ليوم كامل؟ لأسبوع؟ لشهر؟ تغيب! صدقني لن يتصل على أبيك أحد، و لن يكترث لغيابك أحد. و لكنها أيام قليلة حتى يظهر في جدولك كلمة "حرمان" و هذه الكلمة تعني أنك حرمت من هذه المادة لفصل كامل و ستأخذ صفر على عدم جديتك. أنت في الجامعة مسؤول عن نفسك. لن يلاحقك أحد و لن ينتبه لمستواك التعليمي شخص غيرك.



 بعد الجامعة:

ستتغير شخصيتك تماماً:
ـ ستتعلم كيفية الاعتماد على ذاتك بعد أن عشت سنواتك الجامعية كلها معتمداً على نفسك في أدائك الدراسي.
ـ ستتعلم أساليب المذاكرة الناجحة التي لم تستطع تعلمها في سنوات المدرسة التلقينية.
ـ ستتعلم طرق بناء العلاقات مع الآخرين لأن الجامعة تضم أشكالاً مختلفة و قاعات مختلفة و تخصصات مختلفة. في كل قاعة ستجد صديقاً جديداً مميزاً.
ـ ستتعلم أهمية العمل الجماعي و روح التعاون. نقطة مهمة: يجب أن يكون لديك صديق في كل مادة، حتى إذا ما غبت يوماً اتصلت عليه ليخبرك ما فاتك.
ـ ستبرز مواهبك أكثر. ففي الجامعة هناك ناد لكل شيء: نادٍ للقراءة، للشعر، للمسرح، للإنجليزي...إلخ
ـ سترسم شخصيتك لبقية الحياة. لأن أصدقاء الجامعة هم في الغالب أصدقاء الحياة، و لأنك عشت أهم سنوات عمرك في أروقة الجامعة حتى تشكلت شخصيتك.


سنوات الجامعة حقاً هي أجمل سنوات حياتك إن عشتها بكل ما فيها. لا تكن مجرد طالب دخل إلى الجامعة من أجل الشهادة و خرج بها فقط. خالط الناس و شارك في الأنشطة و قم بأداء واجباتك بنفسك و تعلم كل المهارات التي يمكنك تعلمها. حتى لو لم تضف لك في سجلك الأكاديمي شيئاً أعدك بأنك ستجدها ذات فائدة يوماً في حياتك.

و لأنني لم أرد أن أطيل عليك يا ضديقي قراءة هذه التدوينة لم أتعمق في أساليب الدراسة الجامعية التي بها ستتمكن من الحصول على أعلى الدرجات بإذن الله. و لكن يمكنك زيارة تدوينتي السابقة: ذاكر يا دافور و التي فيها ذكرت إحدى طرق المذاكرة للاختبارات.


كل المنى لكم بسنوات جميلة في جامعاتكم.


2012/09/03

يومك معي


يومك معي

 

 

 

يومك معي هو برنامج رمضاني قمت بتقديمه في رمضان ١٤٣٣هـ. البرنامج اجتماعي يهدف إلى جعل المشاهد يستشعر يوميات كل شخصية أعيشها في حلقات البرنامج و من ثم يقوم بالتعامل معها بشكل أفضل. لمشاهدة حلقات البرنامج:

يومك معي | تشويقة:
https://www.youtube.com/watch?v=56x_c4caBV0

يومك معي 1 | عامل نظافة:

يومك معي 2 | متسول:

يومك معي 3 | فشل كلوي:

يومك معي 4 | أعمى:

يومك معي 5 | معاق:

يومك معي 6 | مجتمع واحد + الكواليس:



شكراً  لكل من دعم البرنامج بـ:
ـ اشتراكه في القناة.
ـ نشره للمقاطع في (الواتس آب ـ البيبي ـ تويتر ـ الفيس بوك) و غيرها.
ـ ضغط زر الإعجاب.


كانت تجربة جميلة معكم، و سيكون برنامجنا القادم بإذن الله قريباً معكم على نفس القناة.
 

2012/07/22

ليش أحب رمضان؟

ليش أحب رمضان؟






 

أحب رمضان عشان الأشياء الصغيرة فيه:


ـ التواصل مع الحبايب و مباركتهم بالشهر.
ـ لما يتطيب واحد في المسجد و بعدين يمشي الطيب بين المصلين عشان يتطيبون به.
ـ لما يجتمع على سفرة الفطور عند المسجد جميع الجنسيات، يجمعهم الاسلام و لا تفرقهم المنازل الاجتماعية.
ـ لما يجتمعون الأولاد و البنات مع امهم في المطبخ يساعدونها في الطبخ، و في الغالب بس يزعجونها!
ـ لما تشوف الاطفال في صلاة التراويح واقفين يصلون و آثار عصير التوت على وجيههم.
ـ دموع المصلين على اخوانهم في بلدان اخرى لم يروهم، بس يربطهم الدين!
ـ لما تنقطع الاغاني عن جميع قنوات الراديو احتراما لحرمة الشهر! راااائع !!
ـ لما تشوف أب يعطي ولده خمسه ريال و يخليه يتصدق على المحتاج عشان يتعود على فعل الخير.
ـ ريحة البخور في المسجد!
ـ المسواك في فم الأشخاص.
ـ الاكتاف لما تتلامس في الصلاة و تحسسك باخوة الاسلام.
ـ البرامج الدينية لما تحث على الاخلاق في القنوات.
ـ صحون الاكل لما تتناقل بين البيوت و تشوف معنى الجيرة و مكانة الجار في الاسلام.
ـ جمعة الأهل على طاولة الفطور و كيف كان صومهم صعب.
ـ الأطفال لما يتسحرون الظهر.
ـ علاقتنا مع القرآن و المسابقات على الختمة.
ـ الزحمة عند الفوال قبل المغرب.
ـ أهل الخير و هم يوزعون افطار صايم عند الاشارات.
ـ المجموعات التطوعية لما تعزز نشاطاتها في رمضان!
ـ الشوربة، السمبوسه، القيمات!
ـ الاجتماع على برامج التلفزيون مع صحون الحلى و القهوة بعد المغرب.
ـ سيديات القران في السيارات.
ـ الأسواق متزينية بهلال رمضان و ترحب فيه بأنوارها.
ـ الأخلاق الحلوة، و النفسيات الجميلة، و الابتسامات بعد كل صلاة.

أشياء بسيطة تصير في رمضان تخلي الأجواء جميلة. تخيل لو استمرت بعد رمضان؟

 
و انت، وش تحب في رمضان؟

2012/05/23

ذاكر يا دافور

ذاكر يا دافور












للحصول على أفضل الدرجات بعد الاستعانة بالله:

١ـ قراءة المنهج قراءة سريعة لـ تحديد المهم
٢ـ كتابة ملخص للمنهج بأهم النقاط.
٣ـ فهم الملخص ثم حفظه.
٤ـ قبل الاختبار، مراجعة الملخص مراجعة نهائية.



هذه الطريقة التي أتبعها و يتبعها الكثيرون غيري ممن يتميزون بالتحصيل العلمي العالي. سأقوم بشرح الخطوات الأربع بتفصيل يوضح بعض الجوانب لكل خطوة.




١ـ قراءة المنهج قراءة سريعة لـ تحديد المهم:

هذه الخطوة تعتمد على قراءتك للمنهج كاملاً قراءة سريعة. و أقصد بالقراءة السريعة هنا عدم وقوفك عند التعاريف لحفظها أو المسائل لحلها. هي قراءة لأخذ تصور كامل عن المنهج و كيف يتشعب و ما خلاصة كل درس. في هذه المرحلة تقوم بتخطيط كل معلومة مهمة، سواء كانت تعريفاً أو مثالاً أو غير ذلك. يفضّل أن يتم التخطيط بألوان مختلفة كأن تخطط باللون الأخضر للتعاريف، و الأصفر للأمثلة، و الأزرق للمسائل التي لم تفهمها، حتى تتمكن من فرزهم بسهولة في الخطوة التالية.


٢ـ كتابة ملخص للمنهج بأهم النقاط:

في هذه الخطوة تقوم بنقل كل المعلومات المهمة من المنهج إلى ملخصك. ينبغي التنبيه هنا ألا يزيد ملخصك عن ٢٠٪ من منهجك، فلو تكون المنهج من ١٠٠ صفحة فإن الملخص لا يزيد عن ٢٠ صفحة. في الملخص احرص على أن تقسم المعلومات بشكل مرتب حيث تكون الأمثلة مجتمعة و التعاريف مجتمعة، ليسهل عليك لاحقاً الرجوع إليها، و حتى تقوم بحفظها بشكل أسرع و أسهل. في ملخصك من الجميل أن تستعمل لون لكل شيء، فالتعداد يكون باللون الأسود و التعاريف بالأخضر و الملاحظات المهمة بالأحمر و هكذا. من الجميل أن تدخل بعض الرسومات على ما يصعب عليك فهمه أو حفظه، رسومات لها علاقة بالكلمات كي ترتبط في عقلك بالشكل الموجود في ملخصك.


٣ـ فهم الملخص ثم حفظه:

بعد الانتهاء من كتابة ملخصك خذ لك نفس و روّق شوي. عد بعدها لقراءة الملخص و فهمه ثم حفظه. إذا كنت ممن لا يسهل الحفظ عليه فأسهل طريقة هي تقسيم الملخص زمنياً: كأن تحفظ الصفحة الأولى ثم ترتاح ١٠ دقائق، و الثانية و الثالثة كذلك حتى تنهيه. من الطرق الجميلة في الحفظ هي استخدام النوتات و كتابة ما تريد حفظه ثم تعليقها على جدران غرفتك لتحفظ شكلها في مكان الغرفة.


٤ـ قبل الاختبار، مراجعة الملخص مراجعة نهائية:

الخطوة النهائية تكون بمراجعة الملخص مراجعة نهائية حيث تدخل بعدها إلى الاختبار و أنت حافظ للملخص و فاهم له أيضاً. و بهذه الخطوة ستتمكن من مشاهدة الملخص في خيالك أثناء اختبارك. يفضل أن تنتهي من المراجعة النهائية للملخص قبل الاختبار بنصف ساعة. ثم تستريح بطريقتك الخاصة في هذه النصف ساعة و لا توتر نفسك بالمراجعة مع الآخرين لأنها لن تفيدك بل ستزيدك توتراً.



نصائح أخرى مهمة:

ـ يجب أن يكون المكان الذي تذاكر فيه مرتباً.
ـ حاول أن يكون حولك مشروب تحبه و يساعدك على التركيز كالشاهي أو القهوة.
ـ الإضاءة يجب أن تكون جيدة لأنها تساعد كثيراً في الحفظ و الفهم. 
ـ في فترات الراحة يفضّل القيام بحركات الإطالة ليتوزع الدم في جسمك (خصوصاً في فترات الجلوس الطويلة يتجمع الدم في رجليك، لذا يُنصح بالسجود أو إمالة رأسك للأسفل حتى يعود الدم إلى رأسك ليساعدك في المذاكرة).
ـ خطط بألوان مختلفة بالأقلام المؤشرة، و اكتب بألوان مختلفة ليسهل عليك الحفظ.
ـ ارسم رسومات توضيحية لكل ما يصعب عليك حفظه.
ـ تكون مذاكرتك بعيداً عن الإزعاج، و لا مانع من الخلفيات الصوتية الهادئة التي تريح أعصابك عند المذاكرة.


بالتوفيق للجميع

2012/05/03

هيا بنا نرائي

هيا بنا نرائي







هذه دعوة عامة، لجميع من يقرأ هذه الكلمات. أدعوكم جميعاً للمراءاة بأعمالكم الخيّرة! أضرب أمثلة للأعمال التي أود أن نرائي بها:

١ـ إذا تصدقت عد إلى بيتك و أخبر أهلك بصدقتك.
٢ـ بعد الصلاة و حينما يود صديقك الخروج من المسجد أخبره بأنك ستتأخر قليلاً لأداء السنة.
٣ـ إذا كان لك ورد يومي من قراءة القرآن فاجعل قراءتك في مكان اجتماع أهلك.
٤ـ إذا وددت الصيام فأخبر زوجتك أو أمك بأن تعد لك الفطور، و حاول جهدك كله أن يعلم من هم حولك بصيامك.
٥ـ إذا أردت التبرع بملابسك في إحزى الجمعيات حاول أن يصحبك أحدهم ليعلم عن تبرعك.

انشر أعمالك الخيّرة، أعمالك الصالحة في كل مكان تستطيع أن تنشرها فيه. أخبر عنها من تجالسهم من الأصدقاء و الأقارب. أكتب عنها في تويتر و في الفيس بوك و وثّقها!

نعم أريدك أن تخرج من هذه المقالة لترائي بأعمالك، و أقصد بالمراءاة هنا: أن تعمل عملاً صالحاً و تخبر به غيرك ليقتدي بك، و تشجعه على فعل الخير و تذكره به. ما لا أقصده: أن تعمل عمل الخير بُغية أن يمدحك من رآك لا لطلب الأجر من الله.

نحن نفتقر إلى القدوات الصالحة، إلى من يذكرونا و يشجعونا لفعل الخير. كل ذلك خشية الرياء حتى أصبح مدخلاً للشيطان في أنفسنا. نحن نمتنع عن أداء السنة لأننا نخشى أن ينظر إلينا أحد المصلين فنرائي بها، و لو أنّا أديناها لاقتدى غيرنا بنا. نحن لا نريد أن يعلم الآخرون عن صدقاتنا طلباً للأجر، فما بالنا عن الأجر الذي سيصلنا حينما يتصدقون الآخرون اقتداءً بنا و لتذكرينا لهم؟

أصبحنا متشائمون من بعضنا نظن ظن السوء بغيرنا و نعتقد أن الخير ما عاد فينا، ذلك أننا لم نعد نظهر أعمالنا الصالحة خوف الرياء. نعم الرياء خطير، و لكن غياب القدوات أخطر و إخفاء الخير قد يهوي بثقتنا في غيرنا إلى درك أسفل من ذي قبل.

اعملوا الخير و شجعوا غيركم إليه بأن تكونوا قدوات له. هي دعوة للرياء و ما هي من الرياء في شيء.

2012/04/02

حبيبي عبدالرحمن

حبيبي عبدالرحمن







في صبيحة البارحة رزق صديقي بمولوده الثاني، عبدالرحمن. هذا الطفل يبلغ من عمره الآن يوماً واحداً. بشكل أدق، هو يبلغ لحظة إدراجي لهذه التدوينة أربعة و عشرين ساعة. يعيش الآن بذاكرة لم تنقش عليها أي ذكرى، لا سعيدة و لا حزينة. لا يعلم ما الجميل في هذا الكون و ما القبيح، ما هو الصواب و ما الخطأ. ما هي حدود الدين و ما هي حدود التقاليد. الناس كلهم في عينيه سواسية. لا يتفاضلون لا بلون و لا بشكل و لا بملبس و لا بحسب و لا بنسب و لا بدين و لا بخلق. أحكامه؟ لا يستطيع أن يبني أحكاماً، فهو لا يملك قدراً كافياً من العلم المسبق ليسند حكمه عليه. هو الآن على فطرته التي فطره الله عليها. بقلبه سيشعر أن الله موجود، و لكن كيف يعبده؟ هي مسؤولية والديه أن يعلموه كما تعلموا من قبله.

الآن، عبدالرحمن، هو مجرد طفل بلا أفعال تحسب له أو عليه. و لكنه سيحبو إلى الحياة، و مع كل تفاصيلها سيتعلم درساً. سيعرف أن البكاء يجلب له الانتباه و الحنان فيبكي عقداً. سيعلم أن المشاكل لا تخيفه لأنه محاط بأم و أب فلا يخاف شيئاً. سيتعلم من أخطائه و يجرب. ثم يكبر حتى يبدأ بتقليد أهله في حركاتهم و سكناتهم و مأكلهم و مشربهم و صلاتهم و سائر عباداتهم. ثم سيخرج يوماً إلى العالم المحيط به، فيتعلم منه أن الذي كان يراه خطأ في نظر غيره مزاحاً يمكن التغافل عنه. و ما كان يحسبه خطاً أحمر لا يتجاوزه قد تجاوزه غيره. ستقوده تلك الحالات و غيرها إلا اضطراب في الموازين، ما بين شعور بالتقيد بما تربى عليه، و حب الاستطلاع و مسايرة أقرانه و مجتمعه فيما يفعلون.

سيخطئ عبدالرحمن يوماً، و لكنه الآن لا يعرف كيف يخطئ من الأساس، لماذا يخطئ؟
١ـ لجهل منه.
٢ـ بغير قصد.
٣ـ لاقتدائه بغيره من المخطئين.

إن سنوات عبدالرحمن الأولى ستستقي، كغيره من الأطفال، تعليمها من محيطه الداخلي الصغير، أمه و أبيه و أخته. سيتعلم منهم كل شيء و هم أحرص على منفعته من غيرهم. و لكن لا بد من يوم يأتي فيه ليتعلم من هذا المجتمع ما لا يقدر بيته أن يحميه منه. سيخرج على مجتمع يتقاذف فيه الأطراف بعضهما بعضاً بتيارات لا يعرفون عنها إلا حروف اسمها. و يخون بعضهم بعضاً لأنهم لم يألوا جهداً أن يجتمعوا يوماً على طاولة واحدة ليتحاوروا بتعقل حول ما اختلفوا فيه حتى يميلوا إلى الحق، لا إلى ما تهوى أنفسهم من الباطل. سيخرج إلى عالم تعلم الدين و لم يطبق إلا قشوره. سيتفاجأ بمجتمع يكذب و هو يعلم أن الكذب حرام، و آخر يسرق و هو يعلم يقيناً أن السرقة حرام. سينظر حوله فيدرك أن مقدارك بين الخلق لا يقاس بتقواك أو دينك، و إنما بحسبك و مالك الذي في جيبك، أو في جيب أهلك. سيعلم أننا نمثل مسرحية تنكرية، كل الأقنعة فيها مكشوفة و لكنّا نتماشى معها دون أن نحرك ساكناً. هي المُثُل التي تربى عليها عبدالرحمن يوماً، و القيم و المبادئ التي كان يتغذى عليها في صغره ستغدو في عينيه مجرد جمل تحفظ في المدرسة فيُختبر عليها آخر السنة. ستنكشف المسرحية له يوماً، و لن يصفق له أحد. سيظل حائراً هائماً على وجه. فما عادت هنالك مبادئ يتمسك بها و لا قيم يبني عليها أحكامها.

سيكبر يوماً عبدالرحمن، و سيقرأ كلامي يوماً و يعلم جيداً ما أعنيه في هذه السطور. إليك يا عبدالرحمن أقول: أنت عشت و تربيت بين أكناف أم و أب حانيان، و أخت جميلة ستكون قدوة رائعة لك يوماً. ما تعلمته في صغرك منهم من نبل الأخلاق و القيم الجميلة هي ما تعلمناه من ديننا و هي رسالة نبينا فتمسك بها. أما ما تواجهه في مجتمعك فأنت لا بد من أن تكون على أهبّة الاستعداد لمواجهة تلاطم الأفكار فيه و تضارب الأحكام، بقوة إيمانك و تمسكك بما تربيت عليه و أن تبقي عقلك متفتحاً للحق، لا لغير الحق. إما هذا، أو أن تلجأ إلى جبل يعصمك من الفتنة.


أحبك يا عبدالرحمن، و قد أحببت أختك قبلك، و من قبلكم أبيكم الذي هو بمثابة الأخ لي أو أقرب.
كونوا بخير دوماً مع أمكم الحانية و ليحفظكم الله بحفظه.