2009/05/18

مداخلات شيطانية ..









[... طيب إذا فاضي مرّني ] .. في طريقي إلى بيت صديقي .. و على أنغام إحدى أناشيد الـ " iPod " أخذت
أفكر في بعض أموري .. و بحكم تركي للأغاني و انتقالي إلى استماع الأناشيد .. بدف و بإيقاع و بآهات ..
هل هذه الأناشيد تجوز أو لا تجوز ؟!

جلست يوماً مع أحد الملتزمين " على أيام الأغاني " نتحدث عن الأناشيد و الأغاني .. و كيف ـ من وجهة
نظره ـ أن مهندسي الصوت لدى الاستوديوهات الإنشادية أكثر إبداعاً من من هم في مجال الغناء ..
و ليثبت لي ما قال بدأ يسمعني بعض الأناشيد التي قام بجمعها في جهازه .. و كانت أقل ما يقال عنها ـ رائعة ـ .. !

صدمت في الوهلة الأولى .. فقد كانت ـ كما بدت لي ـ كلمات إسلامية تحتوي على خلفيات موسيقية .. و لكنه
بعد أن قام لي بشرح مفصل عن الآلات المستخدمة في مثل هذه الأناشيد و بفتوى معنونة بأسماء بعض
المشائخ سكن فؤادي و استراح ..

لقد كانت تلك أولى الخطوات المعينة لي في اتخاذ قرار الترك للأغاني .. رغم حاجتي النفسية الملحة في تلك
الفترة للسمر على أنغام [ أنغام ] و زمجرة [ أصالة ] و ثورة [ صابر ] و الدفء المنبعث من صوت [ خالد عبدالرحمن ] .

بقوة لم أعهدها فيني من قبل .. و بعجلة تامة أصابتني بالذهول .. أخذت أحذف كل مقطع موسيقي .. و كل
أقطوعة .. كان شعوراً غريباً يسري في عروقي و أنا أرى ملفات الأغاني تتلاشي كبقايا من ماض جميل !
ليالي سهرت فيها ـ جاهداً !! ـ أبحث و أحمل و استمتع بأروع نغم .. ليجد فيها قلبي ما تمنى و ما اعتاد
أن يستلذ به .. أرمي الهشيم على نار الألم لإسكاتها فتشتعل ! كالأجرب لا تزيده الحكة إلا ألماً و دماً !

ما يقارب الـ 10 قيقا من الأغاني زالت .. و ما زال في نفسي شيء منها يرقب عودتها .. يرقب
[ في الركن البعيد الهادي .. و بنفس المكان بالنادي .. أنا آعده مستنيه .. أقمل حبيب في عنيّه ] .. يرقب
[ يسعد صباحك يا حبيبي حالي طيب .. كل شي نفس اللي كان .. المدامع و المواجع و الأمان اللي اختفى لحظة غيابك ] ..
يرقبها كأم علّقت فؤادها صبراً في استقبال أفواج الجنود العائدين إلى الوطن .. لعلها تلمح طيف ابنها .. و لكن !

ذهبت تلك المقطوعات و لم تعد .. و بإذن الله لن تعود .. و ها أنا الآن أشغل نفسي بأنغام تجوز شرعاً ..
و لكن .. لماذا أجدني أستنفر من بعض الإيقاعات الإنشادية و كأن قلبي يصرخ لي : أغاني !
لماذا لم تعتد أذني سماعها و لم تطرب على ألحانها ؟! أهو الضمير أم هي الوساوس الشيطانية ؟!

لا أزال أستحضر استنتاجاتي لخطوات الشيطان الذي صرخت في وجهه ليلاً قائلاً : [ والله ما أطيعك لو تخيس ! ]
تركت سماع الغناء رغبة في الأجر و الثواب .. رغبة في التمتع بأصوات الحور في جنة الخلد .. خوفاً من القطران
و رهبة من غضب المليك الديان .. و أنا أكاد أسمع صوت الشيطان يوسوس في أذني : [ اسمعها الحين
و بطل لا قربت تموت ]
..
كان يهدف إلى إقناعي بأن تركي للأغاني في هذه المرحلة العمرية و الزمنية و المكانية خطأ لا يختلف عليه
اثنان .. و أن مصيري العودة لها فلم التذبذب في القرارات و عدم الثبات على المبادئ ؟!

أي مبادئ تقصد يا رجيم ؟! أي تذبذب و ربي يحب الخطّائين التوابين ـ كثيري الخطأ كثيري التوبة ـ ؟!
ما عدت و لن أعود ما دام ربي معي .. أدعوه ليلاً و نهاراً سراً و جهاراً بأن يعينني على الخير و يبعدني
عن الشر ..

تركتها و تحوّلت لسماع الأناشيد بآهات فقط .. ثم بـ مؤثرات صوتية خفيفة .. ثم بـ إيقاع .. و بالأمس
وجدت أناشيد بـ موسيقى ! هل هي خطوات الشيطان ؟! أحسست به يبتسم في عروق دمي فأغلقت الصفحة ..
يا شيطان يا رجيم .. كلما فتحت للشر باب أغلقه ربي بالدعاء و الالتجاء .. و كلما زرعت الشر لي حصدت الأجر
بالتوبة و الإنابة .. و سيأتي اليوم الذي أترك فيه كل ما هو شبهة على قلبي بإذن الواحد الأحد ..


لأن الشيطان عنيد .. كنت له أعند .. و لأن قريني منهم ذكي .. كنت الأذكى .. فما من يوم أردت التسنن بعد
الصلاة إلى زجرني عنها باشتباه الرياء .. فأصلي و أنا أقول في نفسي : [ هالمرة رياء .. اللي عقبها أحسن ] ..
ربي أعوذ بك من الرياء و السمعة .. و أصلي فأشعر براحة لا تعدلها راحة ..
لم يكن الشيطان ليمنعني عن الخير بكل صراحة .. و لكنه يدفعني عن الخير بحجة حبه الخير لي ! كذاب أشر ..

أثناء توقفي عند الإشارة الأخيرة قرب منزل صديقي .. رأيت إحدى المتسولات تتنقل بين السيارة و أختها تطلب
العون و المعونة .. فهذا يمد لها ريالاً و آخر يشير بسبابته إلى السماء سائلاً المولى لها الرزق .. و فيما
هي تقترب مني .. ترددت كثيراً في إخراج بعض الريالات التي لم أكن أحوج من غيري بها حينها .. أخذت
في مشاورة عقلي بالإعطاء أو القبض .. و بمداخلات من شيطاني بالعدول عن الفكرة أساساً إذ أنها امرأة
امتهنت هذا العمل تكسباً لا استعفافاً .. و أن الأجر يكمن في التصدق على المحتاج حقاً و الفقير .. و ذلك
بزيارة الأماكن المعنية بذلك ..

كاد الشيطان أن يقنعني و لكن .. متى كانت زيارتي الأخيرة لهذه الأماكن ؟! و هل كانت أصلاً لتكون هناك
الأولى و الأخيرة ؟! ألا يكفيني أجراً تصدقي لهذه المسكينة و نيتي صادقة .. مصدقاً حاجتها ؟! و ما هي
الخسارة التي ستعود علي من بعض ريالات تدفع عني سوء القدر أو تحجب عني غضب الرب ؟!
أخرجت من جيبي ما جاد به إيماني ثم مشيت .. و ما بين خاطر و آخر .. دلف من الباب صديقي على أنغام
أناشيدي و صرخ قائلاً :

[ رجعت تسمع أغاني ! ] ..

هناك 5 تعليقات:

  1. ما شاء الله تبارك الله ♡♡· جدا معجب بإصرارك على ترك الاغاني الله يوفقك يارب
    استمر يالطيب .

    سلمان

    ردحذف
  2. الله يثبتك على الخير يارب
    خطوة رائعه واحسك بطل بأتخأذك هذا القرار
    وانا بأذن الله بأخذ قرار مثلك
    ويارب نكون دعاة للخير مغاليق للشر amoon

    ردحذف
  3. عقلك اكبر من عمرك بكثثثثير 👌

    ردحذف
  4. ماشاء الله انا ما عندي اغاني الحمدلله بس دائما احاول اتركها دائما اتركها فترة طويله بعدين ارجع الله يهديني يارب

    ردحذف
  5. سبحان الله ..مغير القلوب والأحوال
    أخي فراس ارجع كما كنت لا تتنازل عن مبادئك ودينك من اجل رغبة تريد ان تنفذها..

    ردحذف

أشكر لك اهتمامك و تعليقك