2010/02/17

مصر ( أم الدنيا ) ـ ٢

في صبيحة اليوم التالي بدأت يومي كالمعتاد، استيقظت في تمام الساعة الثامنة و النصف،
"تروشت"
، ارتديت لباسي، ثم نزلت إلى البهو لتناول وجبة الإفطار. أحب أخذ "دوش" في
حمامات الفنادق، و هي عادة لم استطع التخلص منها! فأضواء دورة المياه و تصميمها و
ستائر "البانيو" و علب الشامبو الصغيرة و المناشف و الخصوصية التي تنبعث مع حرارة المياه.
كلها معاً تعطيك حالة من الاستقرار و الراحة و شحن لطاقة يوم كامل. لم تكن خدمة الإفطار
في اليوم الثاني على المستوى المأمول، فتعامل القرسون تكاد تكون من دون نفس، و أصناف
الطعام لا تعدو أن تكون مكررة و باردة، بعد حمد الله على النعمة طبعاً! و بالمناسبة، فإن
الشعب المصري حتى هذه اللحظة ليس تماماً كما يقال عنه ( نكته )! و هذه نقطة يجب التأكيد
عليها في كل جزء !

بعد تناول وجبة الإفطار جلست أقرأ في كتابي منتظراً نزول أهلي و انتهائهم من تناول وجبة
الإفطار لننطلق بعدها إلى معرض الكتاب. جلست معهم و كانت أختي بجواري تلبس نقابها و
كلي فخر بها، فهي و بالرغم من صغر سنها مقارنة مع شقيقتها السعوديات الوحيدة التي لم
تتنازل عن نقابها، و غالبية السعوديات كذلك إلا في فترات بسيطة كساعات الفطور و ما
شابهها، و أنا هنا لا أفتي جوازاً و لا تحريماً و إنما هو شعور أسطره بفخري لذلك الحياء
الذي يتأصل في نفوس البنات ليجعل منهن إناثاً أكثر، يشور عليها أبي عطفاً عليها حيناً بأن
تجنب نقابها قليلاً أو تتحجب فقط لتتمكن من الأكل و أخذ راحتها و هي ترفض بلباقة و تبتسم
لي و لأخواني الذين يكبرونها لتجد منا التأييد بالنظر لتصرفها. كم هو جميل خجل الأنثى.

انتهينا من وجبة الإفطار و توجهنا إلى سيارتنا، في الطريق أخذ " محمد إن شاء الله "
يتحدث عن القاهرة و عن المناطق التي تمر بجانبنا في طريقنا إلى المعرض. الغريب أن هناك
نسبة كبيرة من العمارات و المساكن التي لم تصبغ بعد، بل أنها لم تليّس بعد! و هي مكتضة
بالسكان. الحالة المادية لا تسمح بأكثر من طوب أحمر مرصوص فوق بعضه والسلام.

وصلنا إلى المعرض. عدد الزائرين مهول، و غالبيتهم ما دون العشرين، منظر يبهج الناظرين
نحو التفات الشباب للقراءة و اهتمامهم بالثقافة. كانت الشمس حميمية أكثر من أي يوم
مضى، فحرارتها لم تدع لنا مجالاً للتصفح و الاستمتاع بالمعرض. لم يدم مكوثنا في المعرض
أكثر من العشر دقائق، فحرارة الشمس و عدم وجود مكيفات أو أجهزة رذاذ لتلطيف الجو
كانت السبب في عودتنا إلى الفندق. بقي أخير الكبير الذي أوصيته بما أوصاني عمي من
كتب. ذهبت بعدها أنا و أخي و أختي إلى الستارز سنتر لأخذ جولة فيه، كنت أرغب ـ و
جعلتهم يرغبون أيضاً ـ في تناول الوافلز مع طبقة فانيليا الآيس كريم و الشوكلت المذابة، بحثنا
و لم نجد. في ذلك الحين لحظت أن عدد النساء في المول يفوق الرجال بنسبة ملحوظة. العجيب
هنا ـ و هو ما لفت أخي الكبير انتباهي له ـ أن لبسهم للحجاب لا يعدو كونه عادة، و هذا و
للأسف الشديد ما ألحظه في هذه الفترة في السعودية و لكن بشكل طفيف، فالبنات هنا
يلبسون الحجاب بشكل جميل و رائع و لا خلاف في ذلك، و لكن بألوان مزركشة، و ما تحت
الحجاب تي شيرتات أو فنائل بأكمام طويلة تجسد تفاصيل جسمها مع جينز سكيني (ماسك)! ما
الغاية من الحجاب إذا؟
مثلهم كمثل المصلي من غير وضوء، فهو متم للأمر بقواعده
متناسياً عن أسياسيات فرضه و حكمه! لا أنكر أيضاً وجود عدد لا بأس به من المتحجبات
المحتشمات اللاتي يبهج النفس منظرهن. أما في الجانب الآخر، الشباب، فأكثر ما لفت نظري
هو عدم انجرافهم خلف القصات الغربية و الغريبة الداخلة على ثقافتنا و مجتمعنا، إلا
الخليجين!
بعد مشاوير المشي داخل المول الكبير ذهبنا لتناول الغداء في فدركرز ـ فودريك على
قولة أخوي الصغير ـ
و من ثم توجهنا إلى الجناح لنخرج سوية مع الأهل لأخذ جولة بالقارب
في نهر النيل و التعرف على المناطق الجميلة في القاهرة. على ظهر القارب، و الذي أخذناه
بسعر فلكي مقارنة بالأسعار المعروضة للمصريين، كانت الأجواء جميلة جداً، فصوت الأمواج
المتلاطمة على وجه و جوانب القارب، و نسيم الهواء الذي يصافح وجهك بنعومة، و رائحة البحر
التي تنعش الروح، كلها كانت سبباً في الاسترخاء و الهدوء. أخذنا بعض الصور التذكارية
حينما حاول أبي مراراً و تكراراً أن يقنع أخي الكبير بأخذ " جاكيته " من السيارة لربما
انخفضت حرارة الجو و احتاج إليه! في حين رفض أخي الكبير بلباقة و أدب عرض أبي. هنا
أقف وقفة تفكر مع محاولة أبي إقناع أخي و امتناع الأخير عن الرضوخ لرأي الأول فأقول: عادة
ما نخوض نقاشات كهذه تحت شعار معرفتنا بما هو أصلح للآخر استناداً لخبرات قديمة لا تعدو
كونها خبراتنا نحن تحت ظل ظروف معينة لا تبنى عليها أحكام أناس يعيشون ظروفاً مختلفة
و أوضاعاً و شخصيات لا تطابق أوضاعنا و شخصياتنا.
لماذا لا ندع مجالاً للآخرين في بناء
تجاربهم الخاصة؟ و إعطائهم الفرصة لزيادة حصيلة الخبرات لديهم؟ هل تصدر هذه النصائح
دوماً من مصدر الاهتمام بالآخرين؟ أم أنها أحياناً ما تنبع من منبع الظهور كالأفهم و الأعلم؟

لا أقصد الموقف السابق فيما أقول!

على متن القارب، و ما بين أكل للمشويات و الفطير المشلتت و صحون الكشري، و الأحاديث
عن مصر مع محمد إن شاء الله انقضت الثلاث ساعات. عدنا بعدها إلى الفندق، و كبرنا
" المخدات " و نمنا!



صور منتقاة:


صورة عمودية للفندق

المكان الذي أغتيل فيه أنور السادات

قبر أنور السادات و الحراس الذين يسيرون حوله لمدة أربع ساعات متواصلة لكل حارس بالمناوبة

معرض الكتاب من الخارج

معرض الكتاب من الداخل
مكتبة المدبولي من الداخل

سيتي ستارز

لقطة شاعرية أخرى

الاستعداد لعيد الحب

بانتظار وجباتنا من فدركرز

أخي يقود المركب

وجبة العشاء

هناك 5 تعليقات:

  1. كم أنتي رائعة يامصر .. ؟

    تعليقك على الاحداث رائع

    وقبل جبين أختك عني .. لعملها الرائع

    ردحذف
  2. الله يثبت اختك على نقابها
    الحجاب الشايع عندنا اكيد ماهو مناسب للاسلام وهو عاده صح لكن فى نسبه ملتزميين ب الحجاب الشرعى
    وعموما ف مجتمعنا الحجاب ب النسبه لاغلب البنات موضه اكتر منه حجاب ساتر امممم وفى بنات كتيييير يعتقدوا ان الحجاب حريه شخصيه وووو الخ

    ::::
    هل تصدر هذه النصائح
    دوماً من مصدر الاهتمام بالآخرين؟
    ::::
    السؤال يتوقف على الشخص الصادر منه النصح ودرجة الموده بينه وبين الشخص المتلقي

    ::::
    أم أنها أحياناً ما تنبع من منبع الظهور كالأفهم و الأعلم؟
    ::::
    اعتقد نتيجة النصح ف الحاله دى ماله اى ثمار يمكن عواقبه اكتر من فوائده
    واﻻرجح الكلام هايدخل ف اليمين ويخرج من الشمال !!

    ردحذف
  3. السلام عليكم
    ماشاء الله اعجبتنب اختك وايضا طريقة سردك للحديث
    حقيقة لااعرف عنك الكثير ولكن شخص ما دلني عليك واعطاني عنوان مدونتك ..مازلت استكشفك ومازلت اغوص في اعماق المدونة
    تحياتي لك

    ردحذف
  4. مشكلتنا هينا انهم يلزمونك على فعل شي يعني نص البنات عندنا تحصلهم ملزومين على لبس الحجاب الله يهديهم ولو ترك الامر لهم مالبسو حجاب اصلا عشان كذا نشوف التتهاون فيه عندنا بعكس الدول العربيه الثانيه لهم حريتهم فيه بتشوف اللي تلبسه تلبسه عن قناعه فيها

    ردحذف

أشكر لك اهتمامك و تعليقك